الدكتور لطفي الياسيني
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الدكتور لطفي الياسيني

منتدى سياسي ثقافي اجتماعي رياضي / للدكتور لطفي الياسيني
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 ساحِرَةُ القَلْبْ / بقلم الدّكتور حسين أحمد سليم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 6662
تاريخ التسجيل : 01/06/2016
العمر : 118

ساحِرَةُ القَلْبْ  / بقلم الدّكتور حسين أحمد سليم Empty
مُساهمةموضوع: ساحِرَةُ القَلْبْ / بقلم الدّكتور حسين أحمد سليم   ساحِرَةُ القَلْبْ  / بقلم الدّكتور حسين أحمد سليم Emptyالخميس أكتوبر 15, 2020 7:06 pm

ساحِرَةُ القَلْبْ

بقلم الدّكتور حسين أحمد سليم
باحث و مهندس فنّان تشكيلي عربي من لبنان

أبَداً... لا تَقْلَقي حَبيبَتي, المَعْشوقَةُ قَدَراً... إذا الليْلُ أتَى, يَتَهادى الهُوَيْنا في مِشْيَتِهِ, وَأرْخى سُدولَهُ المُخيفَةُ... وَزَحَفَ بِبْطْءٍ, يَجْتاحُ الفَضاءاتَ, وَيَغْمُرُ الكَوْنَ, بِوِشاحِهِ الّدَيوجِيِّ الرَّهيبِ... وَيَحْتَلُّ بِظَلامِهِ, امْتِداداتَ السُّهولِ, وَيَحْلُوَ لَهُ السَّكَنَ, عِنْوَةً في البِطاحِ, وَيُخَيِّمُ قَهْراً عَلى الأوْدِيَةِ... وَيُوَشِّيَ بِرَهْبَتِهِ, قِمَمَ الجِّبالِ, وَيَسودُ قَدَراً, أرْجاءَ هَذا العالَمِ الشَّاسِعِ, وَالمُتَرامِيَ الأطْرافِ... فَتَأويَ طَوْعاً, كُلُّ الأحْياءَ إلى سَكَنِها, وَتَهْجَعُ مُطْمَئِنَّةً, هادِئَةً في مَرْقَدِ ضَجْعَتِها... وَيُسْرِعُ كُلُّ ذي نَسْمَةِ حَياةٍ, وَيُلْقيَ لِلأرْضِ, بِنَفْسِهِ تَعِباً, وَيَسْتَسْلِمُ في أحْضانِ الكَرى, يَغُطُّ في نَوْمٍ عَميقٍ... عِنْدَها, أفيقُ أنا, مِنْ غَيْبوبَتي القَدَرِيَّةِ, وَأسْتَيْقِظُ مِنْ هَدْأتي, وَأنْتَعِشُ مِنْ هَجْعَةِ ضَجْعَتي, وَأسْتَقْبِلُ دَجِنَّةَ الليْلِ المَهيبَةِ, وَأهيمُ في الرُّؤى... أبْحَثُ عَنْكِ, بِشَوْقٍ عَميقٍ, وَأُناجيكِ جَلاءً روحِيّاً... وَإلَيَّ تَخاطُراً, عَلى ذِمَّةِ الحُبِّ وَالعِشْقِ, هائِماً مُتَيَّماً, عابِداً بِخُشوعٍ وَتَقْوَى... لِصَوْمَعَةِ تَصَوُّفي, حُبّاً في الله وِعِشْقاً, لِرِحابِ الحُبِّ وَالعِشْقِ, أدْعوكِ... فَالحُبُّ تَشَاغَفَ بي, وَاسْتَجابَ لي, وَالعِشْقُ هامَ بي, وَلَبَّى نِدائي, وَأنْتِ لَمْ وَلَنْ وَلا تَسْتَجيبينَ, لِدَعْوَتي وَنِدائي...

أبَداً, أبَداً... لا, لا تَقْلَقي حَبيبَتي, الّتي أحْبَبْتُها قَدَراً, وَأحَبَّتْني عَلى حينِ وَمْضَةٍ, رَحْمَةً وَمَوَدَّةً مِنْ لَدُنِ الله... لا, يا حَبيبَتي, لا تَسْتَوْحِشي الوَحْدَةَ في هَدْأةِ سَكينَتَكِ, وَإنْ طالَ انْتِظارُكِ, وَلْهى هائِمَةً, مُتَيَّمَةً حائِرَةً, تَتَوَقَّعينَ لِقائي بَيْنَ وَمْضَةٍ وَوَمْضَةٍ ... فَعِنْدَما تَتَألَّقُ النُّجومَ, في مَدى أعاليها, تَتَماهى في البُعْدِ المُوْغِلِ بُعْداً, وَكَأنَّها قَناديلٌ مُكَوْكَبَةٌ, بأطْيافٍ مِنَ الأضْواءِ, مُعَلَّقَةٌ في قُبَّةِ السَّماءِ, اللامُتَناهِيَةِ الإمْتِداداتِ... تَظْهَرُ في كَوْكَباتٍ تَشْكيلِيَّةٍ, وَبُروجٍ مُتْعَةً لِلْنّاظِرينَ, بأجْمَلِ رَوْعَتِها, وَأبْهى مَعانيها... تُرْسِلُ لأرْضِنا العَطْشى, أطْيافِ أنْوارِها الحالِمَةِ, تَتَناهى في وَمَضاتٍ شاعِرِيَّةٍ مُلْهِمَةٍ, تُوْحِيَ لِلْخَلْقِ وَ الإبْداعِ... عِنْدَها, أجْثُوَ عَلى التُّرابِ, أتَيَمَّمُ بِغُبارِيّاتِ الرَّغامِ, بِضَراعَةْ وَخُشوعٍ, وَاُقيمُ في كِوَى صَوْمَعَتي, صَلاتي, لله راكِعاً ساجِداً, قانِتاً ضارِعاً مُتَهَجِّداً, باكِياً مُنْتَحِباً, وَأهيمُ مُتَيَّماً في رُؤى البُعْدِ... أبْحَثُ عَنْكِ في كُلِّ اتِّجاهٍ, أسائِلُ الخَوافِقَ عَنْكِ, بِشَوْقٍ عَميقٍ عارِمٍ, وَأُناجيكِ جَلاءً روحِيّاً شامِلاً... وَإلَيَّ تَخاطُراً وِجْدانِيّاً, وِجْداني يَتَخاطَرُ بِكِ, وَعَلى ذِمَّةِ الحُبِّ وَالعِشْقِ, أغْدُوَ هائِماً وَلِهاً مُتَيَّماً, عابِداً مُتَصَوِّفاً, بِخُشوعٍ وَتَقْوَى... لِصَوْمَعَةِ تَصَوُّفي وَعِبادَتي, حُبّاً خالِصاً في الله وِعِشْقاً آخَرَ, لِرِحابِ الحُبِّ وَالعِشْقِ, أدْعوكِ حَبيبَتي, وَأدْعوكِ... فَالحُبُّ تَشَاغَفَ بي, وَاسْتَجابَ لي, وَالعِشْقُ هامَ بي, وَلَبَّى نِدائي, وَأنْتِ لَمْ وَلَنْ وَلا تَسْتَجيبينَ لِدَعْوَتي وَنِدائي...

مَهْلاً حَبيبَتي المُخْلَصَةُ وَفاءً, في الحُبِّ وَالعِشْقِ, وَرُوَيْدَكِ, رُوَيْدَكِ فيما يَتَناهى لِخاطِرَكِ, مِنَ سَراباتِ الخَيالاتِ... أبَداً, لا تَحْمِلُكِ الأفْكارُ الأخْرَى بَعيداً, عَلى صَهَواتِ راحِلَتَها, وَتَرْمي بِكِ في مَتاهاتِ الحيرَةِ وَالقَلَقِ... وَلا تَأخُذُكِ الظُّنونُ بَعيداً, وَتَزُجُّ بِكِ في لُجَجِ الضّياعِ... فَعِنْدَما يُشْرِقُ البَدْرُ, لَيلاً في كَبِدِ السَّماءِ, يَتَماهى عُنْفُواناً, بَيْنَ النُّجومِ الرّاقِصاتِ... يَتَحَلَّقْنَ مِنْ حَوْلِهِ, عاشِقاتَ وَلِهاتَ هائِماتَ... وَهُوَ يَتَبَخْتَرُ بَيْنَهُنَّ, يَشِعُّ بأضْوائِهِ الفِضِّيَّةِ, الّتي تَتَكّسَّرُ عَلى صَفَحاتِ المِياهِ, تَعْكِسُ مَشْهَدِيَّاتَ جَمالٍ في لَوْحاتٍ مِنْ سِحْرٍ وَجَمالٍ... فَتَنْتَشي لأضْوائِهِ الأزْهارَ وَالوُرودِ, وَتَضوعُ بأريجِها, يَتَشَذَّى في النَّواحي, فَتَتَرَنَّحُ لِعَبَقِ طيبِها كُلُّ الأشْياءَ, وَيَثْمَلُ لِعَبيرِها, البَدْرُ وَالنُّجومُ, وَالليْلُ وَكُلُّ الأشْياءَ... إذْ ذَاكَ يا حَبيبَتي, يَلْتَقي الأحْباُبُ تَشاغُفاً, وَيَهيمُ وَلَهاً جَميعُ العُشّاقِ, وَيَغْفُوَ الجَميعُ خُشوعاً, يَتَقَرَّبونَ لله في غَيْبوبَتِهِمْ, يُقيمونَ عَلى ذِمَّةِ الحُبِّ وَالعِشْقِ, صَلاةَ الحُبِّ وَالعِشْقِ... عِنْدَها يا حَبيبَتي, أحْمِلُ ما تَبَقَّى مِنْ رَميمي, وَأرودُ صَوْمَعَتي خاشِعاً, وَأضَّجِعُ مُتَفَكِّراً بِكِ, فَتَطْلُبَكِ نَفْسي, بوَلَهٍ وَجُنونٍ, وَإلَيَّ في رِضى الله, وَتَقْوىَ الله, وَحُبِّ الله, وَعِشْقِ الله, إلَيَّ حُبّاً وَعِشْقاً أدْعوكِ... فَالحُبُّ تَشَاغَفَ بي, وَاسْتَجابَ لي, وَالعِشْقُ هامَ بي, وَلَبَّى نِدائي, وَأنْتِ لَمْ وَلَنْ وَلا تَسْتَجيبينَ لِدَعْوَتي وَنِدائي...

أيْ حَبيبَتي الحالِمَةُ, النّائِيَةُ بُعْداً في البُعْدِ, تَهْرُقينَ الدَّمْعَ حارّاً, يَكْوي مِنْكِ الخُدودَ, وَيُلْهِبُكِ الشَّوْقُ إلى حَنينِ اللقاءِ... أيَّتُها المُقيمَةُ قَهْراً, خَلْفَ حُدودِ المياهِ, وَالّتي لا أعْرِفُها إلاّ في رُؤى الخَيالِ... وَصَوْتُها يَتَناهَى إلَى مَسامِعي, يُنْعِشُني في قَلْبِ الليْلِ وَيُرْعِشُني... يَمْتَطي صَهَواتَ الأثيرِ, شَجِيّاً يَتَأوَّهُ في الحُبِّ وَالعِشْقِ, يَهْمُسُ في أذُني, هَمساتَ الحَنانِ في دِفْءِ الحَنانِ... وَيَبْثُثُني الشَّوْقَ تَشاغُفاً, يُحَرِّضُني إلى شَوْقِ اللقاءِ في البُعْدِ... يَتَجَلَّى الحُبُّ شَفيفاً في مُنْتَصَفِ الليْلِ, وَيَتَرَاءى العِشْقُ حالِماً... فَتَتَناشَدُ الفاتِناتُ الوالِهاتُ, بِرَخيمِ الصَّوْتِ, أناشيدَ الحُبِّ, وَ أغانِيَ العِشْقِ... عِنْدَها يا حَبيبَتي, إذا تَناهَى لِسَمْعَكِ في هّدْأتَكِ, الحَنينُ المُتَشاغِفُ, يَتَمَوْسَقُ في تَرانيمِ الحُبِّ وَالعِشْقِ... وَيُوَشْوِشُكِ وَلَها وَهِياماً... فاعْلَمي أنَّني في البُعْدِ, أنْشِدُكِ حُبّي وَعِشْقي, وَإلَيَّ في رِضى الله, وَتَقْوىَ الله, وَحُبِّ الله, وَعِشْقِ الله, إلَيَّ حُبّاً وَعِشْقاً أدْعوكِ... فَالحُبُّ تَشَاغَفَ بي, وَاسْتَجابَ لي, وَالعِشْقُ هامَ بي, وَلَبَّى نِدائي, وَأنْتِ لَمْ وَلَنْ وَلا تَسْتَجيبينَ لِدَعْوَتي وَنِدائي...

يا حَبيبَتي الوَلْهَى في الحُبِّ وَالعِشْقِ, يا مَنْ تَكْتُبينَ الحُبَّ وَالعِشْقَ, تَرانيمَ القَلْبِ العاشِقِ, تُدَنْدِنُ في كَلِماتَكِ الحانِيَةِ, وَتُرْسِلينَها لي هائِمَةً, مَعِ الحَمامِ الزَّاجِلِ... تَصِلُني رُغْمَ البُعْدِ النّائي, وَأقْرَأها شَغَفاً وَشَوْقاً, وَإعيدُ القِراءَةَ وَأعيدُ, بلا مَلَلٍ وَلا كَلَلٍ وَلا ضَجَرٍ... فَلا تُرْبَكِي حَبيبَتي, وَلا تَخافي, فَكُلَّما ازْدادَ إبْداعَكِ ابْداعاً, وَكُلَّما ازْدِدْتِ خَلْقاً عَلى خَلْقٍ في كِتاباتَكِ... تَرَيْنَني أتَخاطَرُ بِكِ جَلاءً شامِلاً, وَتَسْتَشْعِرينَني أطْلُبَكِ, وَتَتَلَمَّسينَني في كُلِّ حَرْفٍ وَفي كُلِّ كَلِمَةٍ وَفي كُلِّ خاطِرَةٍ... وَإلَيَّ في رِضى الله, وَتَقْوىَ الله, وَحُبِّ الله, وَعِشْقِ الله, إلَيَّ حُبّاً وَعِشْقاً أدْعوكِ... فَالحُبُّ تَشَاغَفَ بي, وَاسْتَجابَ لي, وَالعِشْقُ هامَ بي, وَلَبَّى نِدائي, وَأنْتِ لَمْ وَلَنْ وَلا تَسْتَجيبينَ لِدَعْوَتي وَنِدائي...

يا حَبيبَتي المُؤْمِنَةُ في الله, المُلْتَزِمَةُ في تَقْوَى الله, الهائِمَةُ في رِضى الله... يا مَنْ تَتَعَبَّدينَ تَقْوَى, وَخُشوعاً في صَلاتُكِ العَميقَةِ, تَرْفَعينَها خالِصَةً لله, تَضْرَعينَ لِلْباري, وَتَتَهَجَّدينَ أنْ يَتَقَبَّلَ أعْمالَكِ, وَيُثيبَكِ, وَيُجْزِلُ العَطاءَ لَكِ, وَيًكْتُبَكِ في عِدادِ المَلائِكَةِ الأطْهارِ, وَيُسْكِنَكِ مَعِ الأخْيارِ... يا مَنْ تَدْأبينَ عَلى صَلَواتَكِ, وَتَتَهَجَّدينَ في الليْلِ وَالنَّهارِ... لا يُوَسْوِسُ الشَّيْطانُ لَكِ, وَلا يُشْغِلَكِ عَنْ عِبادَةِ الله... وَكُلَّما ازْدادَ خُشوعَكِ خُشوعاً, وَازْدِدْتِ تَقْوَىً عَلى تَقْوىً في الله, تَرَيْنَني مُتَعَفِّفاً مُتَبَتِّلاً خاشِعاً, غارِقاً في عِبادَةِ الله, هائِماً حَتّى الذَّوَبانِ, مُتَيَّماً حَتَّى الهَذَيانِ... وَإلَيَّ في رِضى الله, وَتَقْوىَ الله, وَحُبِّ الله, وَعِشْقِ الله, إلَيَّ حُبّاً وَعِشْقاً أدْعوكِ... فَالحُبُّ تَشَاغَفَ بي, وَاسْتَجابَ لي, وَالعِشْقُ هامَ بي, وَلَبَّى نِدائي, وَأنْتِ لَمْ وَلَنْ وَلا تَسْتَجيبينَ لِدَعْوَتي وَنِدائي...

أجَلْ يا حَبيبَتي, لا تُحَدِّثُكِ نَفْسَكِ, بالسُّوْءِ وَتَأمُرَكِ... وَلا تَتَعْجَلي عَلَيَّ, وَتَحْكُمينَني ظُلْماً, وَتُصْبِحينَ نادِمَةً عَلى ما فَعَلْتِ... أنْظُري الثَّكْلى, كَيْفَ الثَّكْلَى, تَبْكي وَتَنُوحُ, بِلَوْعَةٍ وَتَفَجُّعِ, وَمَرارَةٍ وَحُزْنِ, وَألَمٍ وَوَجَعٍ, وَعّذابٍ وَتَحَرُّقٍ... قَدْ غَدَتْ سَجينَةَ الوِحْدَةِ القاتِلَةِ, وَأضْحَتْ فَريدَةً, ضائِعَةً في المَتاهاتِ, جَفَّتْ مَآقيها, وَهِيَ تَبْكي وَحيدَها في وادي الدُّموعِ... وَصارَتْ لله تَتَضَرَّعُ, بإيمانٍ خالِصٍ, يُنْهِيَ الله أيّامَها, أوْ إلَيْها, يُعيدُ فَلِذَةَ كَبِدِها... أنا يا حَبيبَتي, الغَريبُ, الثّاكِلُ نَفْسي, أبْكي وَأنوحُ, هائِماً ضائِعاً في المَتاهاتِ, أبْكي عُمْري في وادي الدُّموعِ... لِهّذَا, يا حَبيبَتي... إلَيَّ في رِضى الله, وَتَقْوىَ الله, وَحُبِّ الله, وَعِشْقِ الله, إلَيَّ حُبّاً وَعِشْقاً أدْعوكِ... فَالحُبُّ تَشَاغَفَ بي, وَاسْتَجابَ لي, وَالعِشْقُ هامَ بي, وَلَبَّى نِدائي, وَأنْتِ لَمْ وَلَنْ وَلا تَسْتَجيبينَ لِدَعْوَتي وَنِدائي...

حَبيبَتي وَمُلْهِمَتي وَمُعَلِّمَتي, الّتي تُوْحي الفَلْسَفَةِ لِتَفَكُّري, وَتُلْهِمَني الحِكْمَةَ في وَعْيِ, وَتُخاطِرُني جَلاءً في البُعْدِ, وَأسْتَشْعِرُها وَتَسْتَشْعِرُني... أتَدْرينَ ماذا يَحُلُّ بي؟! عِنْدَما تَكْفَهِرُّ السَّماءُ, وَيَسودُ الضّبابُ, وَتُوْمِضُ البُروقُ, وَتَقْصُفُ الرُّعودُ, وَتَعْصُفُ الرِّيَاحُ, وَتَهوجُ العَوَاصِفُ, وَتَتَساقَطُ الأمْطارُ, وَتَثورُ العَناصِرُ, وَتَئِنُّ الطَّبيعَةُ, وَتَضْطَّرِبُ الأشْجارُ, وَتَتَكَسَّرُ الأغْصانُ, وَتَتَنَاثَرُ الأزْهارُ, وَتُذْرَى الأوْراقُ, وَتَهْرُبُ الأطْيارُ, وَتَخْتَبيءُ العَصافيرُ, وَتَموتُ الفَراشاتُ, وَتَجْتاحُ الأرْضَ السُّيولُ؟!... عِنْدَها يا حَبيبَتي, أنْدَفِعُ بخَيالي, وَأرْتَحٍلُ في الإمْتِداداتِ, حَيْثُ تُقيمينَ بَعيداً... وَإلَيَّ في رِضى الله, وَتَقْوىَ الله, وَحُبِّ الله, وَعِشْقِ الله, إلَيَّ حُبّاً وَعِشْقاً أدْعوكِ... فَالحُبُّ تَشَاغَفَ بي, وَاسْتَجابَ لي, وَالعِشْقُ هامَ بي, وَلَبَّى نِدائي, وَأنْتِ لَمْ وَلَنْ وَلا تَسْتَجيبينَ لِدَعْوَتي وَنِدائي...

أيا حَبيبَتي, الّتي في حُبِّها تَيَّمَتْني, وَغَدَوْتُ كَما المَجْنونِ في عِشْقِها, هائِماً عَلى وَجْهي... أنْظُري كُلَّما الشَّمْسُ مَزْهُوَّةً, تُشْرِقُ في الصَّباحاتِ, مِنْ خَلُفِ القِمَمِ الشَّمَّاءِ... وَتُرْسِلُ سَيَّالاتِها الذَّهَبِيَّةِ, تَتَرَاقَصُ عَلى صَفْحَةِ مِياهِ البَحْرِ, السَّحيقِ الغَوْرِ البَعيدِ... وَتَتَكَسَّرُ أشِعَّتُها, تَتَماهى عَلى زُرْقَتِهِ, السَّماوِيَّةِ الفَيْروزِيَّةِ اللطيفَةِ... وَتَعْبَثُ النَّسَماتُ النّاعِمَةُ, تُداعِبُ الأمْواجَ, تَتَهادى عَلى صَفْحَتهِ الرَّائِعَةِ, فَيَخْتالُ البَحْرُ طَروباً, ويََثْمَلُ في مَوْسَقاتِه... هَكَذَا يا حَبيبَتي, أخْتالُ عُنْفُواناً, وَإلَيَّ في رِضى الله, وَتَقْوىَ الله, وَحُبِّ الله, وَعِشْقِ الله, إلَيَّ حُبّاً وَعِشْقاً أدْعوكِ... فَالحُبُّ تَشَاغَفَ بي, وَاسْتَجابَ لي, وَالعِشْقُ هامَ بي, وَلَبَّى نِدائي, وَأنْتِ لَمْ وَلَنْ وَلا تَسْتَجيبينَ لِدَعْوَتي وَنِدائي...

إعْلَمي يا حَبيبَتي المَعْشوقَةُ, أنَّهُ عِنْدَما يُنْفَخُ في البوقِ, لِيَوْمَ الحَشْرِ, وَيُبَوَّقُ في كُلِّ ناحِيَةٍ, وَيُنْفَخُ في البوقِ الأخيرِ... وَتَضُجُّ دَرَكاتُ الجَّحيمِ, وَتَضْطَّرِبُ العَوالِمُ, وَيَنْتَشِرُ الرُّعْبُ, وَيَتَدَفَّقُ الخَوْفُ... وَتَنْطَلِقُ الأبالِسَةُ, تَجْتاحُ الأرْضَ, فَيَعُمُّ الهَلَعُ, وَيَرْتَعِبُ النّاسُ, كُلُّ النّاسِ... سَتَرَيْنَني يا حَبيبَتي, رابِطَ الجَأشِ, لا أعيرُ المّشاهِدَ اهْتِماماً, وَلا يُلْهيني ما يَجْري... وَإلَيَّ في رِضى الله, وَتَقْوىَ الله, وَحُبِّ الله, وَعِشْقِ الله, إلَيَّ حُبّاً وَعِشْقاً أدْعوكِ... فَالحُبُّ تَشَاغَفَ بي, وَاسْتَجابَ لي, وَالعِشْقُ هامَ بي, وَلَبَّى نِدائي, وَأنْتِ لَمْ وَلَنْ وَلا تَسْتَجيبينَ لِدَعْوَتي وَنِدائي...

هَلْ رَأيْتِ الأزْهارُ يانِعَةً, تَموجُ في جَنَباتِ الحَدائِقِ, وَعَرَصاتِ الجَنائِنِ, يا حَبيبَتي؟! وَهَلْ سَمِعْتِ الأطْيارَ وَالعَصافيرَ, تَتَماهى في الغاباتِ, وَعَلى الأفْنانِ مُغَرِّدَةً, أناشيدَ الحُبِّ وَالعِشْقِ؟ّ! وَهَلْ رَأيْتِ الرَّبيعَ, يَضْفي حُلَّتَهُ الجَّميلَةُ, سُنْدُساً أخْضَراً, يَتَماوَجُ عَلى المُروجِ وَالغاباتِ؟! وَهَلْ رَفَلَتْ عَيْنَاكِ, لِلْطَبيعَةِ تَرْقُصُ جَزَلاً, وَتَثْمَلُ مِنْ بَهْجَتِها, وَهِيَ سَكْرى لأكْتِمالِ فِتْنَتِها؟!... عِنْدَها سَتَرَيْنَني, يا حَبيبَتي, مُنْزَوِياً في صَوْمَعَتي, بَعيداً عَنْ هَذَا الجَمالِ, وَعَنْ هَذِهِ الفِتْنَةَ الخَلاّبَةِ, أشيحُ بِناظِري... وَإلَيَّ في رِضى الله, وَتَقْوىَ الله, وَحُبِّ الله, وَعِشْقِ الله, إلَيَّ حُبّاً وَعِشْقاً أدْعوكِ... فَالحُبُّ تَشَاغَفَ بي, وَاسْتَجابَ لي, وَالعِشْقُ هامَ بي, وَلَبَّى نِدائي, وَأنْتِ لَمْ وَلَنْ وَلا تَسْتَجيبينَ لِدَعْوَتي وَنِدائي...

أقولُ لَكِ, يا حَبيبَتي, وَأنا صادِقُ القَوْلِ, واعَدْتُكِ عَهْداً, وَعاهَدْتُكِ وَعْداً, وَأنا طاهِرُ القَولِ والفِكْرِ وَالعَمَلِ, وَصادِقُ الوَعْدِ وَالعَهْدِ... وَأبوحُ في جَرْأتي, وَلا أخافُ في الله لَوْمَةَ لائِمِ... فَعِنْدَما تَتَكَاثَرُ عَلَيَّ العَذَاباتُ, مِنْ جَرَّاءِ النَّكَباتِ, وَتَحوطَني مِنْ كُلِّ حَدْبٍ وَصَوْبٍ... وَعِنْدَما تَتَعاظَمُ عَلَيَّ الأهْوالُ, وَتُرْعِبُني وَكَأنَّها كَوابيسُ حَقيقِيَّةً... وَعِنْدَما أنوءُ رازِحاً, مُعَذَّباً تَحْتَ نَيْرِ الآلامِ وَالأوْجاعِ, وَعِنْدَما تَجْتاحُ الأسْقامُ جَسَدي الضَّعيفِ, وَتَحْتَلُّ كَيْنونَتي... وَعِنْدَما تَسْكُنَني العِلَلُ, وَيَغْدُوَ جَسَدي رَميماً... وَعِنْدَما تَحُطُّ عَلَيَّ الأهْوالُ, بأثْقالِها الرَّهيبَةَ... وَعِنْدَما تَنْحَني هامَتي, وَيَنْكَسِرُ ظَهْري, وَتَميلُ قامَتي مِنْ ثِقْلِ, وَطْأةِ الأيّامِ, وَتَعَبِ الأعْوامِ... عِنْدَها يا حَبيبَتي, أطْلُبَكِ بِشَغَفٍ عَجيبٍ غَريبٍ... وَإلَيَّ في رِضى الله, وَتَقْوىَ الله, وَحُبِّ الله, وَعِشْقِ الله, إلَيَّ حُبّاً وَعِشْقاً أدْعوكِ... فَالحُبُّ تَشَاغَفَ بي, وَاسْتَجابَ لي, وَالعِشْقُ هامَ بي, وَلَبَّى نِدائي, وَأنْتِ لَمْ وَلَنْ وَلا تَسْتَجيبينَ لِدَعْوَتي وَنِدائي...

وَأخيراً وَلَيْسَ آخِراً, يا حَبيبَتي... عَوْدَةٌ عَلى بَدْءِ... فَأبَداً, أبَداً... لا, وَألْفُ لا, لا تَقْلَقي... أنَني اعْتَكَفْتُ في صَومَعَتي, الّتي شِئْتُها, في الحُبِّ وَالعِشْقِ, هُناكَ بَعيداً في رَأسِ الجَبَلِ, قابَ قَوْسَيْنِ أوْ أدْنى, مِنْ هَيْكَلِ الحُبِّ وَمِحْرابَ العِشْقِ... هُناكَ عَكَفْتُ قَناعَةً إيمانِيَّةً, أمْضي ما تَبَقَّى لِيَ مِنَ العُمْرِ, أمارِسُ عِباداتي في الحُبِّ, بخُشوعٍ وَتَقْوىً في العِشْقِ... وَأكْتُبُ الحُبَّ في الله, وَأدَوِّنُ في الله عِشْقي, وَأحِبُّكِ في اللهِ, مَوَدَّةً وَرَحْمَةً, وَ في الله أعْشَقُكِ... وَإلَيَّ في رِضى الله, وَتَقْوىَ الله, وَحُبِّ الله, وَعِشْقِ الله, إلَيَّ حُبّاً وَعِشْقاً أدْعوكِ... فَالحُبُّ تَشَاغَفَ بي, وَاسْتَجابَ لي, وَالعِشْقُ هامَ بي, وَلَبَّى نِدائي, وَأنْتِ لَمْ وَلَنْ وَلا تَسْتَجيبينَ لِدَعْوَتي وَنِدائي...

حَبيبَتي... مُؤْلِمٌ وِداعي لَكِ في المَوْتِ... فَعِنْدَما تَدْنو ساعَتي الأخيرَةَ, وَيَأتِيَ حاصِدُ الأرْواحِ, لِيَسْتَرِدَّ الأمانَةَ وَيِسْتَلِمُها... وَيَغْمُرَني قَهْراً, وَرُغْماً عَنّي, لِيَسْتَلَّ مِنّي الرّوحَ, بِقَسْوَةٍ وَحْشِيَّةٍ... إذْ ذَاكَ, أسْتَمْهِلُ مَلَكَ المَوْتِ, بَعْضَ الوَقْتِ, وَأُتَمْتِمُ بِاسْمَكِ, العَذْبِ الفَتّانِ, وَأصْرُخُ وِداعاً, إلى اللقاءِ حَبيبَتي... وَفي دُجى الليالي الرَّهيبَةِ, وَمِنْ ظُلْمَةَ حُفْرَتي, المُرْعِبَةِ الظُّلُماتِ, المُوْحِشَةِ لي في وِحْدَتي... إلَيَّ في رِضى الله, وَتَقْوىَ الله, وَحُبِّ الله, وَعِشْقِ الله, إلَيَّ حُبّاً وَعِشْقاً أدْعوكِ, لِتَبْكيني في العِشْقَ وَالحُبَّ, فَوْقَ قَبْري, وَيَبْكيكِ مِنْ جَوْفِ قَبْري, الحُبَّ وَالعِشْقَ... فَالحُبُّ تَشَاغَفَ بي, وَاسْتَجابَ لي, وَالعِشْقُ هامَ بي, وَلَبَّى نِدائي, وَإلَيْهِ الحُبُّ دَعاني, وَاحْتَضَنَني, وَالعِشْقُ في قَلْبِهِ أسْكَنَني, وَأقامَ صَوْمَعَتي... وَأنْتِ لَمْ وَلَنْ وَلا تَسْتَجيبينَ, أبَداً, أبَداً, أبَداً... لَمْ وَلَنْ وَلا تَسْتَجيبينَ في الحُبِّ وَالعِشْقِ, لِدَعْوَتي وَنِدائي...
عَفْواً حَبيبَتي... سامِحِنَني في الحُبِّ وَالعِشْقِ, وَالله ما وَدَدْتُ غَيْرَ الحُبِّ الشَّفيفَ لَكِ, وَما شِئْتُ إلاّ العِشْقَ الخالِصَ لَكِ... وَفي الله أحْبَبْتُكِ قَداسَةً, وَعَشِقْتُكِ طَهارةً في الله, وَوَفَّيْتُ لَكِ في الله وَعْدي, وَأخْلَصْتُ لَكِ في الله عَهْدي... فَكَتَبْتُكِ حُبّاً كَبيراًً, يَتَوامَضُ في كَلِماتي, وَدَوَّنْتُكِ عِشْقاً عَظيماً, يَتَألَّقُ في كِتاباتي... وَحَمَلْتُكِ نَبَضاً مُنْتَظِماً, يُدَنْدِنُ قَلْبي بِكِ, وَاسْتَشْعَرْتُكِ طَمَأنينَةً في نَفْسي, ارْتَضَتْ بِكِ, قَرينَةً لَها, وَانْتَعَشَتْ بكِ روحي... إنَّني انْتَظَرْتُكِ وَأنْتَظِرُكِ وَسَأنْتَظِرُكِ, رُغْمَ البُعْدِ وَالنَّأيِ في البُعْدِ, وَرُغْمَ كُلَّ العَوائِقِ وَالعَقَبَاتِ وَالمّوانِعِ... وَرُغْمَ كُلِّ ما هُوَ أقْوى مِنَ الحُبِّ وَالعِشْقِ, وَما يَقْهَرُ الحُبَّ في القَلْبِ, وَيَقْتُلُ العِشْقَ في الرّوح... كُنْتُ وَأبْقى وَسَأبْقى, العاشِقُ المُتَيَّمُ, وَلَهاً قَلْبي, بالحُبِّ يَنْبُضُ, وَهِياماً روحي, بالعِشْقِ تَنْتَعِشُ... وَكُنْتِ وَتَكونينَ وَسَتَكونينَ, وَتَبْقَيْنَ وَسَتَبْقَيْنَ, حَبيبَتي وَمُعَلِّمَتي وَمُلْهِمَتي... بَيْنَ يَدَيْكِ الحانِيَتَيْنِ, تُولَدُ فَلْسَفَتي, وَعَلى وَمَضِ حَنانَكِ أتَعَلَّمُ الحِكْمَةَ, وَأكْرُزُ بالحِكْمَةِ... وَأبْقى في الحُبِّ وَالعِشْقِ, أميراً لِلْحُبِّ وَسَفيراً لِلْعِشْقِ...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://lutfi.forumisrael.net
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 6662
تاريخ التسجيل : 01/06/2016
العمر : 118

ساحِرَةُ القَلْبْ  / بقلم الدّكتور حسين أحمد سليم Empty
مُساهمةموضوع: رد: ساحِرَةُ القَلْبْ / بقلم الدّكتور حسين أحمد سليم   ساحِرَةُ القَلْبْ  / بقلم الدّكتور حسين أحمد سليم Emptyالخميس أكتوبر 15, 2020 7:26 pm

تحية الاسلام
جزاك الله خيرا وبارك الله لك وعليك
أزكى التحيات وأجملها..وأنداها
وأطيبها..أرسلهااليك
بكل ود وحب وإخلاص..
تعجز الحروف أن تكتب ما يحمل قلبي
من تقدير واحترام..
وأن تصف ما اختلج بملء فؤادي
من ثناء واعجاب..فما أجمل
أن يكون الإنسان شمعة
تُنير دروب الحائرين..
دمت بخير
رحم الله والدي ووالديك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://lutfi.forumisrael.net
 
ساحِرَةُ القَلْبْ / بقلم الدّكتور حسين أحمد سليم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تجليّات الشّاعرة جاهدة نظير مشيك في كتابها "ديوان الأميرة" / بقلم: الدّكتور حسين أحمد سليم
» وقفة ضمير للكاتب حسين رضا مشيك بقلم: حسين أحمد سليم
» إبداعات خواطر الكاتب أسعد عبّاس الأحمر بقلم: حسين أحمد سليم
» صلاة الحبّ / بقلم: حسين أحمد سليم
» فنون رسم التّفاصيل القياسيّة الهندسيّة / بقلم: حسين أحمد سليم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الدكتور لطفي الياسيني  :: منتدى الفنان د. حسين احمد سليم - لبنان-
انتقل الى: