الشَّريدُ...
(تحكي عن الآلام التي يتكبَّدها المشردون)
بقلم السفير د. الشاعر إحسان الخوري
بدأ الطَّرقُ على الأبوابِ ..
عُيونُنا تَنظرُ الزَّرقاءَ ..
وحانَ الزَّمانُ للدُّخولِ الى دواخِلنا ..
ففيها إنسانٌ ساحِرٌ خَلَّابٌ ..
ينتظِرُ أن نطهوَ الحقيقةَ ..
لِتَزورَ الزَّوايا النَّائِمةَ فينا ..
فَنوَلِّفُ حياتَنا على أشعَّةِ الشَّمسِ ..
لا ندعها تُغادِرُ ..
لِتطيرَ مع أرواحِنا الجَّاريةِ ...
السَّلامُ عروسٌ في ثيابٍ شفَّافةٍ..
لونهُا أبيضٌ ..
هو هديَّةٌ ثمينةٌ من القلبِ ..
هو محبَّةُ الارواحِ ..
وهو مَخبوءٌ في الكلماتِ الآسرةِ ...
المَصيرُ يمضي الى الفِردَوسِ الأعلى ..
تحدِّي ذواتنا منارةٌ للسلامِ ..
من أجلِ سماءِ النَّهارِ ..
سيتدفَّقُ السَّلامُ بسهولةِ الانهارِ ...
ماذا عن الفُقراءِ المُشرَّدين ..؟
لِنَدفعَ الثَّمنَ بالصلاةِ لأجلِهم ..
لِنُدفيءَ قُلوبَهم ..
نُدفيء عيونَنا بِهم ..
لِنَدعَهم يلتقِطونَ لحظاتَ الفَرحِ ..
بل لِيَسرِقوها ..
ولِنَدعَهم يتنفَّسونَ نَسائِمَ المَحبَّةِ ...
هل لازِلنا نَرى دِمائَهم تَنسكِبُ ..؟
هل تاهَ الجميعُ ..
أم بدأَ التَّدميرُ الذاتيُّ فينا ...
الحكيمُ القابِعُ في البَعيدِ ..
يقولُ ..
لِنمنعَ عنهم الظِّلالَ الدَّاكِنةَ ..
لِنُدخِلَهم الأزمِنةَ المُذهلِةَ مِن الخَيالِ ..
لِنَتفقَّدَ الآمَهم الفِكريَّةَ ...
طوبى للنُجومِ وهي تَنفجِرُ بَرَّاقةً ..
هل مَلامحُهم مُستعجِلةٌ ..
هل لهجتُهم خَجولةٌ ..
هل يعيشُ اللؤلؤُ في المَوجِ العاتي ..
من يُحصي عددَ أيَّامِهم ..
هل سَنُرَقِّمُها ..
وهل سنرتَكِبُ عذابَهم ...
هم فقدوا الاملَ في مواجهتِهم ..
صبرُهُم قد ضلَّ الطَّريقَ ..
يُحدِّقونَ طويلاً في الَّليلِ العَميقِ ..
يَتساقَطونَ مع النَّهارِ المُتأَخِرِ ..
يَتجوَّلونَ خارِجَ النَّافذةِ كخريفٍ أسودٍ ..
وكمِثلِ الغُروبِ يصطبِغونَ بالاحمَرِ ...
نُبوءاتُهم كُتِبَتْ لِأجلِ الحُزنِ ..
ولم تُحكى لهم قِصصَ الخَيرِ ..
هل مِن هَديةٍ إلاهيةٍ سَتُعطى لهم ..
سأنتظِرُ ما سيحدُثُ ..!
فأتوهَّجُ في قلبِ القمر ..
أصطادُ أنفاسي ..
شفتي تُغنِّي لهم المَحبّةَ ..
وعِندَ الرِّياحِ العَصبيَّةِ أُقدِّسُ بقائَهم ..
أنشُرُ أجنحَتي تحتَ الازرقِ ..
أملأُ أفئِدتَهم بِالحنانِ ..
لأنَّهم صُنِعوا من الضَّوءِ ..
ورُبَّما مِن الصَّمتِ تَكوَّنوا ....