القصيدة: لميرا ملجأ في صدري ميشيل حداد
أَنتظر مِن الشّمعة في الصّحنْ
حينَ يذوبُ الثوبُ الأبيضْ
أن تطرحَهُ في القاعْ
كَسَطيحٍ حينَ يَزُولُ هياجُه
حينَ يَعودُ حَكيمًا
فَهُناكْ
أغْرزُ في الشّمْع الذائِبِ شَمْعَـه
حَمْراءَ تَضِجُ بلَوْنِ الدّمِ المتدفِقِ
في الجَبَهات
لونًا يَنْزِفُ من جُرْحِ القَلْب
يَنْزفُ مِنْ نَشرة أخبارْ
منْ تَعتيمِ فوقَ مدينتنا
منْ وحشةِ جَزَعٍ مذياعًا
يعلكُ أنباءَ الحربْ
مثلَ صغيرٍ في فَمِه لبانٌ يَمضَغُهُ
يَمتصُ رَحيقَه
يَبصُقُهُ أينَ يشاءْ
وأَضأتُ الشمعة
لا لصغيرٍ يحتفلُ بعيدهِ
لا لإِلهٍ أخشى غَضَبه
لا لمسن أتملق إرثه
فالشمعة هذي حين أضاءت
ارتعشت مكتئبه
بَددتِ العتمة بصعوبته
عن ورقي الأصفر
أخَذَت ترقب قلمي
يُلقي الظل المندفع كما الصاروخ
يتركُ للكلماتِ الزاحفةِ
على الأسطُر
تنويها بالسلم
لا أرضى أن أكتُبَ تاريخًا
للحرب بِشعري
أيام الحَرب تَوَدّ
لو أن لم تبزُغ فيها
أَيّةُ شمسٍ فوق الأرض
لو لم تَشهد سببًا للقتل
فالحرب كما هِيَ للجالس
فوقَ المقعد في البيتْ
شيءٌ يسمعهُ من مذياع
وَيَراه على شاشة "تلفاز"
لكن في الجبهات،
ببساطةِ كلّ الأميين
كُلّ الأطفال
كل الجداتِ ذواتِ التسعين
تشويهٌ تقتيلٌ ودمار
والآن
أشتُمُ بالفصحى، أخجل
فالعربية لغة تأبى الإسفاف
رغم العلم بأن "الفانتوم" و "السوخوي"
كما "الميراج"
أسماء لطيور بشعة
تحملُ موتًا أحمر
لكن حين حذفنا حرْفَ الجيم
من "ميراج" أصبح "ميرا"
اسمًا عذبًا لصغيره
لفتاةٍ حلوه
حتى لو لم يُذْكَر
بين الأسماء العربيه
والآن
أتذكّر، أتذكّر
أن العالم زينته الأطفال
في السلمِ أُحب الأطفال
في الحرب
أتمنى لو أجعل صدري ملجأهم
أحميهم من صفارات الإنذار
من التعتيم من الغارات
ومن كل الأخطار