...........عَمّــانُ في زَفّـةِ الشّهـداءِ *
عَقلـي تعطّلَ واسْتَطارَ صَوابي=لمّا دهانـي الغدرُ بالأوصابِ
مالي أرى التلفازَ خُضِّبَ وجْهُهُ=بـَدمٍ يَسيـلُ بحُمرةِ العُنّـابِ
وأرى رُكامًاٌ لفَّ تحتَ جناحِه=مِـزَقاً من الأطفالِ وسْطَ خرابِ
زأرى زجاجاتِ الحليبِ تناثرتْ=ما عـادَ ثمّـةَ طامـعٌ بشرابِ
ورأيتُ أفْراخًا تصيحُ بحرقةٍ =والأمُّ عنهـم آذنتْ بغِيـابِ
والأرضُ غطتْها الفجيعةُ واكتستْ=بـَدلًا من السُّجـادِ حُمْـرَ ثيابِ
والموتُ مَـدَّ على المكانِ ذُهولَهُ=وتحـوّلَ الإنشـادُ نوْحَ غُـرابِ
فَحسبتُ أنّ(جِنينَ) يقصفُها العدى=ولكَـمْ أذاقتْهم صُنوفَ عـذابِ
قتلوا النساءَ كَما الرجالِ توحُّشًا =وكـذا الـصّغارُ تدُثّروا بِتـُرابِ
وإذا المذيعُ يَسوقُ لي في غفلتي=نبأً يَضخُّ الغَيـظَ في الأعصابِ
أنّ اعتداءً قد دها عَمّـانَ،قد=أوْدى بأرواحٍ بلا أسبـابِ
وأصابَ عُرْسا ًواستباحَ دِماءَ مَن=حضروا الزفافَ،ولم يكُنْ بصوابِ
فُجعَ العريسُ وقُلْ كذاكَ عروسُه=فقـدا أعـزَّ الأهلِ والأصحـابِ
ليعودَ بيتًا للتعـازي بيتُهـُم=هَجَرَ الغِنـاءَ،وضَجَّ بالتّنعابِ
فترى الذي ينوي العزاءَ مهنّئًا=وترى المهنِّئَ راعشَ الأعصابِ
وتبيتَ ذكرى العُرسِ أَشأمَ لَوحةٍ=بخيالِهم رُسِمـتْ بِخَطِّ حـِرابِ
وعلمـتُ بعضَ الرّاحلينَ لربِّهم=هجَروا (جِنيـنَ) مخافةَ الإرهابِ
ما جاء موتُهُـمُ بنارِ عدوِّهم =بَل مَن أنابَ الخصمُ مِن أذنابِ
من (سِيلةِ الظّهرِ) المُخَضَّبِ ثَوبُها=بالزَّهْرِ والشهداءِ، دونَ خِضابِ
في ثورةِ القسّامِ شارَكَ أُسْدُها = بَـل بـعدَهُ ، مـا كـان مِـن هَيّابِ
ما كنتُ أَعلمُ أنّ ثـمّةَ مُسْلِمًا= يَهوى أذى الإخـوانِ والاحبابِ
إنـي أظـنُ الآثميـنَ تَُّديرُهُم = أيْـدٍ من الأعداءِ خلفَ حِجابِ
لا يحسَـبوا (عَمّـانَ) زَعزعَ أمْنَها=وحشٌ يَتيـهُ بِظُفرِهِ والنـابِ
هي قلعّةُ الأردنِّ دونَ مُنـازعٍ=من سالفِ الأزمـانِ والأحقـابِ
أختُ (الكَرامةِ)،هل يُهدِّدُ أهْلَها=إلاّ لئيـمٌ أو ربيبُ ذئـابِ ؟
أمّا الّذين على الجريمةِ قد نَمَوْا=ليُنفِّـذوا جَهلاً شريعـةَ غـابِ
إن كان ما يَرجونَ نيْلَ شهادةٍ=أو يَحلُمونَ َ بجنّــةٍ وثَـوابِ
انَ الجهــادَ كثيـرةٌ ساحاتُـهُ=ضدَّ الغـزاةِ مُفـتـَّحُ الأبوابِ
ما كـانَ ذبْـحُ المسلميـنَ وَسيلةً=لِوُلوجِ فِـردوسٍ بِغَيـرِ حسـابِ
ماذا تركتـمْ لليهـودِ وحقدِهمْ=أو للفرنجةِ يا أولي الألبـاب!
فأرَحُتُمُ من كانَ يطلبُ عِلّــةً=في وَصْمِهِ الإسلامَ بالإرهـابِ
**
ربّاه فاجعـلْ مَن قضَوْا أنحابـَهم= شُهداءَ نالوا منكَ حُسنَ مآبِ
وكذاكَ واشْفِ جِراحَ قَومٍ مُزّقـوا=ما كانَ غيرُكَ كاشفًا لِعذابِ
و امنحْ ذَويهِـم صبـرَ عبـدٍ مؤمنٍ=والأجـرَ عنـدَ تَصُّبرٍ لمُصـابِ
واحفـظْ بلادي في أمانِك ،إنّهــا=مَسرى الرسولِ ومَصْرَعُ الأصحابِ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شعر : عبدالرازق مصطفى دعسان البرغوثي
بلدة كوبر - رام الله - فلسطين
===========================================
* نُظِمتْ هذه القصيدةُ عندما تعرضتْ له عمّـانُ يومَ الأربعاءِ الأسودِ في ٩ /١١ /٢٠٠٥ من تفجيراتٍ آثمةٍ استهدفت ثلاثةَ فنادق،حصدَ أحدها نحو ستّين مدنيًّا جُلُّهم من المدعُوّين الى حفلِ زفافٍ لعائلةٍ من قرية (سِيلة الظَّهر) جنوبَ مدينةِ جِنـــينَ منبتِ الشهادةِ والشهداءِ ، وتبعد عنها 22 كيلومترا .