... أحبَّها كثيرااا .. حبا لا يتخيلهُ بشر .. حبا بنقاءِ حبات المطر .. يفوقُ عددَ أوراق الشجر .. عاشَ مع ملاكِه ِ الطاهر أحلامًا ذهبية .. قضى فيها أمتعَ الأوقات مع ذلك الجَمال الساحر .. الذي لم يمسهُ يومًا ما ..
في تلكَ الليلة .. بنى في مُخيلته ِ بيتَهما الجميل .. والحديقةَ الصغيرة التي تزدانُ بالورود والرياحين .. ولم ينسَ أن ينصبَ في زاويتِها مرجوحةً أرجوانية لطفلتِهما التي تصورَ أنها ستكونُ ثمرةَ حبهما الأولى .. يا لها من حياةٍ رائعة ! يتوقُ بكل جوارحه ِ أن يحياها مع فتاة ِ أحلامِه التي هامَ بها .. ولكنَّ طرقات ٍ عنيفةً على بابِ بيتِه ِ أيقظتهُ من سباته ِ العذب .. واقتحمَ عددٌ من الجنود الجبناء غرفتَهُ بشراسة .. واقتادوهُ مقيدا إلى سيارتهم التي سارعت بالتهامِ الطريق الصحراويّ إلى السجن .. ! حيثُ البرد القارس .. والتعذيب .. والظلام الدامس ..
يا لَها من ليلة ٍ ليلاء .. ! بكت فيها السماء .. على ذلكَ الحب الذي لم يرَ النورَ بعد .. بل يا لَسخرية الأقدار ، ويا لَقسوتها .. فمحبوبته - ورغم أنهما يدرسانِ في كلية ٍ واحدة - إلا أنها لا تعلم شيئا عن حقيقة مشاعره ..
وها هوَ الآن .. وبعدَ مرورِ خمس سنوات ٍ على اعتقالِه .. يستنشقُ نسائمَ الحرية .. وتدفئهُ شمسُ الأمل .. فيُسارعُ الخُطا إلى بيتِها .. يُمَنّي نفسَهُ برؤيتِها على الشرفة .. حيثُ كانت تجلسُ دائما .. وحينما وصل ، كان مُنهكًا خائرَ القُوى .. وخُيِّلَ إليه أنَّ البيتَ مهجورٌ .. ولم يرَ سوى ستارةً رماديةَ اللون تترنحُ في الهواء .. فاغرورقت عيناه .. وتساءَلَ بلهفة .. تُرى كيفَ حالُها .. هل هيَ بخير ؟! هل تزوجَت ؟! هل أنجبَت أطفالًا ؟! ... وجلسَ ساهِمًا على الرصيف ِ المقابل .. ينفُثُ دخانَ سيجارتِهِ الذي امتزجَ مع دموعِه ِ وأشواقِه .. !
سناء رام الله 2021 - 11 - 18
Admin Admin
المساهمات : 6530 تاريخ التسجيل : 01/06/2016 العمر : 118