في ذكرى النكبة ١٥ آيار / الرابع والسبعون عاما( ٧٤)..
بلدتي بيت دقو قضاء القدس ..اعترف لقد طال الفراق بين قلوبنا،ولكنّ روحي وأنفاسي على يقين،أنّ موعد لقاءنا وتحرر قلوبنا من المحتل الغاشم بات قريبا جدا وجدا..
بيت دقوحبيبتي اسمك مؤنس لروحي في غربتي
أعترف اعترافا صريحا أنني لم أتذوق مرار الهجرة والغربة على مدى عقود منك او من القرى المجاورة لرياضك وروابيك النضرة، ولا من أي مدينة فلسطينية تقبع على الساحل أو تتربع وسط السهول أو ترفع رايات الكرامة على القمم الشماء التي اغتصب ثراها الغاصبون وتآمر على نضارتها وجمالها الأصدقاء والجوار جميعا..
لم يقتل مشاعري و أعماقي في غربتي سوى الأحتلال الذي كل يوم يضم مئات الهكتارات والدونمات من الأراضي الخضراء ويجتث مئات أشجار الزيتون الصامده في وجه رياح همجيته وقسوته وجبروته الزائف...
لم يؤلمني سوى قتل الأطفال الأبرياء وحرق حقائبهم المدرسية وكسر أقلام الحرية و ألوانهم وريشة رسمهم وهدم المنازل والأبراج على رؤوس أصحابها الأبرياء..
تحرق أعماقي كلما سمعت خبر استشهاد أصحاب الأقلام الحرة والصحافة التي تنقل لنا همجية الاستعمار بصورة واضحة وواقعية وحقيقية ..و وما يخنقني أسر شباب بعمر الورود دون ذنب ودون وجه حق ..فيحكمون عليهم بالأعدام البطيىء داخل السجون بالمؤبدات والأحكام القاهرة تنتهي أعمارهم في السجون وكأنهم لم بعيشوا ولم يخلقوا للحياة يوما ..
بيت دقو حبيبتي وجوهرتي ودرتي ماذا أقول لك عن همجية المحتل التي كل يوم يعتقل عشرات الشباب بعمر الزهور عبيرهم يفوح كعبير الزعتر البري في البراري ..
ودموع الحسرة تجتاح القلوب والوجنات ..
ولكن الكسر الممتد في قلوبنا على مدى ال ٧٤ عاما ما زال يحذوه الأمل والتفاؤل بالعودة كل يوم أشاهده في عيون جداتنا وأمهاتنا وجاراتنا ومفاتيح البيوت القديمة معلقة في جيدهن بدل عقود الذهب والألماس ..
حقا إنها الأرادة والإصرار على العودة للوطن والبيوت والذكريات وظلال الزيتون والتين وبيارات البرتقال وجبال جرزيم وعيبال وجبل الزيتون والمكبر .. ومقدساتنا ..
وشواطئ البحر الأبيض المحاذي لغزة الكرامة والمقاومة والنخوة والشهامة .
كلما أشرقت علينا الشمس بنورها نقول اليوم أفضل من سابقه والأمل ينمو ويكبر ويزهر كالياسمين في قلوبنا ..
بيت دقو حبيبتي لا أقول لك إلا صبرا .. صبرا آل ياسر إن موعدكم مع العودة والنصر بات قريبا جدا جدا ..ذهب الكثير ولم يبقى سوى القليل انقضت أربع وسبعون عاما وقلوبنا تنظر باتجاه نافذة النور والأمل في العودة والمفاتيح في ايدي الأجداد والجدات وتوارثها الأبناء ..
تلك الأعوام انقضت وشعبنا الفلسطيني قد أضاءها بصبره وأرادته وتحديه وصموده أمام جحافل إحتلال غاشم متغطرس لا يفقه شيئا سوى تصويب الرصاص الحي والمطاطي باتجاه الأطفال الأبرياء وإثارة الرعب في قلوبهم وهو لا يعلم أنهم لا يخشونه ولا يهتمون لرصاصه وطائراته..يقفون أمامه بصدورهم العارية من كل شيء إلا من حبهم لأرضهم وإيمانهم بالله ورسوله..يقفون بأيديهم الصغيرة الضعيفة القابضة على الجمر والحجارة ..
لا يعلم العدو الهمجي أنه مضى أربع وسبعون عاما سطر فيها شعبنا الفلسطيني الذي يعشق الوطن والحرية ومقدساته أجمل الملاحم البطولية الشجاعة في مواجهته دون كلل او ملل.. وما زال على إصراره وأمله بالعودة لمرابع الطفولة و أهله وخلانه..
بيت دقو جوهرتي الغالية ليتك تعلمين أنك ملاذي في قهري وحزني ومرضي لا يصمت لساني عن ترديد اسمك..وبث الشوق والحنين إليك ..
لقد عشت في غربتي ووحدتي الأشدّ قسوة وألمًا وخوفًا.. كانت روحي وأنفاسي شاهدة على نكبات عديدة لشعبنا المظلوم أبا عن جد والمشرد والمشتت في أكثر بقاع الأرض.. وكل نكبة نقول هذه النهاية وبعدها سيلتم الشمل والعودة ستكون لفلسطين الوطن الأم ..ولكن هيهات هيهات
فكلهم جربوا فينا أسلحتهم وتهجيرنا حتى وصلنا الى بلاد الواق واق كما كانوا يسمونها أجدادنا ولم نفهم حين ذاك معناها فضحكت ضحكات المرار والقهر حينما اتضحت لنا الرؤويا والمعنى ..
لقد تهجر شعبنا داخل فلسطين نفسها
ألف هجرة وهجرة وما زالوا يهجرون قصرا ويطردون من بيوتهم الأصلية ويسكنون الشوارع ومازالت الهمجية والتشريد قائمة في جنين في الشيخ جراح والخان الأحمر والقدس وضواحيها وتقسيم مقدساتنا واهم النكبات التطبيع الخائن الارهابي الممنهج من قبل بعض الدول الصديقة ..
كل ما يحدث من غطرسة وهمجية الاحتلال الغاشم من تشريد وتهجير وسطوعلى الأراضي والبيوت امام العالم العربي والغربي والدولي والكل صامت لا يقدم شيئا للشعب الأعزل الذي لا يملك سوى رفع الأكف بالدعاء الى الله ..
للاسف تراق الدماء الفلسطينية بدماء باردة والعالم ينظر بعيون وقحة لا يقدم حلا ولا يقدم العالم أكثر من تصريحات
تدين وترفض ما يفعله الأحتلال دون اتخاذ الاجراءات الرادعة لذلك وتستمر اللعبة الي أن يشاء الله قهرهم ودحرهم وحرقهم ونصر الأرض المسلوبة والمغتصبة
وإعادة الحق لأصحابه للشعب الفلسطيني الحر ..
والعار كل العار لمن يحسبون علينا عرب ومسلمين ولا يمدون أيديهم لانقاظ الاقصى من خبث وهمجية الأستعمار
المستمرة في نهجها المتغطرس والتي امتدت لقتل شيرين أبو عاقلة بدماء باردة فماذا فعلوا وما ذا سيفعلون انه سيناريو مستمر وسيستمر طالما هناك خون ومتخاذلين ومتأمرين على الاسلام والوطن والحق والحقيقة ..
الشاعرة والفنانة التشكيلية
د.يسرى محمد الرفاعي
سوسنة بنت المهجر