من غيابات الجب / د. حسن بن عزيز بوشو
قصيدة مهداة إلى الجنود المجهولين المغتربين "داخل وطنهم " ،
والذين يحترقون في صمت ، من أجل محاولة الحفاظ على اللغة
و الهويّة العربيّتين والقيم الإسلاميّة خلف "معاقل التغريب''.
أيــــــــا من يغار على دينــــــــه = وأمجــــــــــــاد أمّته والوطــــــنْ:
أنــــــــــاديك من خلف ليل بـــــه= فـــــــــؤادي يبيت نجيّ الشجــنْ
فقـــــــد ضاق صدري بحمل الأسى = لوحـــــــــدي ، وطالت ليالي المحنْ
و"يــــــــــــوسف" ما انفكّ في جبّه = مَشـــــــــُوقاً لشَارٍ «ببخس الثمنْ»
أنــــــــــاديك باسم الذّي ـ ها هنا ـ = يـــــــــرى دينه المرتضى يُمْـتـَهــــنْ
ويشـــــــــــهد أمّته قد غـــــــدتْ= عن الحقّ في دارهــــــــــــــا تُفْتَـتَـنْ
وأرفــــــــــع شكواي من ''طغمة''=
ـ هنــــــــــا ـ لم تزل هي «أمّ الفتنْ»
رمانـــــــــــا بها الله من شــــاهق= بلاء لنــــــــــــــا منه ، كي نُمتَحنْ
فكـــــــــانت كنار لنا أوقِـــــدتْ = وكنـــــــــّا «الفَراش» إليهـــــا يحنّْ
ومـــــــــا زال عبّاد "نار المجوس"= يخرّون من حول هذا الوثنْ
فيــــــــــا للقلاع بها الأجنــــــــبيّ= على النشء في أرضنا يؤتمنْ
تســـــــــــرّ بفتنتها النّاظريـــــــــن= وفيها لهم مصرع قد كمنْ!
ويــــــــــــا «للأباليس» تطوي الفضا= لتحجب عنا السنى والسننْ
وتنشــــــــــر في الناس إلحادهـــــا= وترفع أعلامه للقننْ
وتحفـــــــر «للضاد» في مهدهــــا = وتنسج للدين ثوب الكفنْ
وتطــــــــرح أمجادَنا للحضــــــيض= ملوّثة بالأذى والعفنْ
وتعلــــــــــــيَ شأن «رموز الصليب= لدى الناشئين السليبي الفطنْ.
فـــــــــــوا رحمتاه على «أبريـــــاء»= بـــــــــــــأيدي العدى أمرُهم يُرتهنْ،
ونحــــــــن على صنعهم غافلـــون= كأنّا هنا قد عرانا الوسنْ
نلــــــــــــوذ بصمت ، وكم مُنكـــرٍ= تمكّن في ظلّه واستكنّ
ويُخرِسنــــــــــا عنهمُ مطمع=
وأمتنا منهم’ تمتهنْ
ولــــــــــو لا «مؤامرة الصمــــت»لم= يمسّ العدى حرمات الوطنْ
ولم يمــــــــــس بينهمُ العربي= مهيضا مهينا رخيص الثمنْ
يــــــــــــودُّون أن يسحقوا قلبه= ليركن من تحتهم للوهنْ
أنـــــــرقب أن يقدروا ديننــــــــا=
وقد شحنتهم قرون’ الإحنْ؟
وفي أرضهـــــــــم حوله فتنــــة =
ونار تشبّ وحرب تشنّْ !
وهــــم مالئون علينا الحمـــــــى=
بمرد الوجوه وخضر الدمنْ
ورهـــط أناخوا قصيري الرؤى=
قليلي الحياء كثيري الضغنْ ،
بُلينـــــــا بهــــم فوقنا ، فانبروا=
ليبدوا من الغلّ ما قد كمنْ ؛
ويُشفـــوا الغليل ويُذكوا الذي= حسبناه نحن انطوى من زمنْ !
فلـولا «القليل» صَفَوْا مقصدا= لخلناهم’ ''بعثوا''للفتنْ @
ألا لا نُغــرّ بهم رافعـــــــــين=
شعارات علم وعون وفن
فمــــــا ذاك منهم سوى طَلْسَم=
لطمس العيون وصكّ الأذنْ
ومــــــا همّهم غير أن يقتلوا=
هويّتنا في الخفا والعلنْ
أنــــــــا من خبرت طباع الدران=
وما تحت جلدته من درنْ*
فكــــم حاربوا من أعزّ «الهدى=
لديهم ومجّد حبّ الوطنْ»
ولم يتّخـــذ دِينَه ـ مثلمـــــــــا=
أرودو تراثا عفا واندفنْ
وكـم مخلص فيه للنّاشئــين=
أذاقوه مرّ الشجى والشجنْ
وقـالوا : «دخيل» أتى ناشرا=
لفكر بعهد الظلام اقترنْ
وكــــم روّجوا عنه من مفترى=
يذيب’ الفؤاد ويذوي البدنْ
فلـــــم يُلْفِ من حوله ناصرا=
سوى الله في مدلهمّ المحنْ
يــــرومون أن يدفنوا صـــوته= وللحقّ أجدر’ أنْ يحتضنْ!
وكانوا ـ ضحى أمس ـيغرونه= بأوسمة هي خيط الكفنْ
بهــــــا يقبرون ولاء الفتــــى=
لأمته في مروج العفنْ
فخُضــــْرُ الوعود وقحط الوعيد=
بلاء به عندهم نمتحنْ
فمــــن يُغر يضلَلْ ، ومن هان خا=
ن ما فيه بات هنا يؤتمنْا
ومــــن يتّق الله يجعل لـــــه=
مخارج من ظلمات الدجنْ
يـــــريدون إطفاء نور الإلــه=
لدينا ليرقى إلينا الوهنْ
فنُمســــيَ «ذيلا» لهم تابعــا =
وننساق من خلفهم بالرسنْ،
ولكـنّ ربّي متّم لنــــــــــا=
ولو كره الفاسق المضطغنْ ا
غَــــداً سوف تنهار أحلامـــهم =
وتذرو مناهم رياح’ الزمنْ،
وينـزح عن أرضنا النازلون=
بأثقالهم فوق صدر الوطنْ
فنفـرح حقّا «بعيد الجـلاء=
وتختال راياتنا في القننْ»
وتخضــرّ أيّامنا الذّابـــلات=
وتصفو مشاربنا من درنْ
وتنشــــأ أجيالنا في النقـاء=
مسلّحة بالهدى والسننْ
وتنهـــلّ من فوقنا البركات=
ومن حولنا بالمنى والمننْ
وتشــــرق آفاقنا بالضيــــاء=
وينزاح ليل الأسى والحزنْ
ولـــن يخذل الله «من آمنوا=
بجند الخنا والأذى والإحْنْ »،
فمن كان راعيه سبط النبي=
و حامي حماه الهمام الحسن،
فحاشا يخاف على دينه =
و أمته من صروف الزمنْ
*الدّران : الثّعلب