أنا الكاتب البائس.....! / د. سالم المشني
ما أنا إلا كائن بشري أسير في الأزقة والطرقات وأتجول بين هذا المجتمع الذي أنتمي إليه...
لقد حدَّقتُ كثيرا في المارَّةِ وشعرت بأن هناك من يأمرني بأن أُركز على كل من صال وجال في هذه الأسواق لكي أتبين بأنهم حقيقيون أم هم أوهام تَمُرُّ في مُخيلتي وأحسبهم كمثل المفكر الذي أمضى حياته في البحث عما من هم العظماء المفقودين....!
لم تكن نفسي لتتحمل كل هذه الأفكار التي ستودي بي إلى الهلاك ، فهناك من شاهدتهم وهم مجتمعون فُرادى في أحد الأزقة يتهامسون ويلقون اللوم على من كانوا لهم مأيدين....!
لقد كانت الثنايا ظاهرة على جباههم وهم يتلفظون بقول غير مفهوم لكنني إقتربت منهم دون أن يشعرون وأدركت قولهم في صلب شتمهم لمن كانوا لهم موالين...!
إن ما حيرني أنهم عند تفرقهم واجتمع منهم كل إثان على حِدَةٍ لعن منهم من كان معهم وقالوا إنهم مخادعون....!
هكذا هو معدن كل أفاق لئيم...
لقد أدركت أنهم مرتدون لذلك هم يتألمون....
لن يسطتيعوا العودة إلا وداعتهم لأنهم كلهم كانوا معاً متآمرون....
قد نظرت للسماء وخاطبت الزمن بأن لا يدع على الأرض مثل هؤلاء الأفاقون....
فهم الذين يبتسمون ويُظهرون البساطتة لكنك عندما تنظر إليهم لا يجدر بك إلا أن يُخيل لك بأنهم أصحاب فضيلة وفي سبيلها هم سالكون...
هم الذين سيرسمون لك طريقا تزفها الأشجار والورود وانهر الفرات فكن لهم من الشاكرين....
ليس الحكمة أن تصفق لكل من قال أنا الأمين...
فكلمة أنا هذه ما هي إلا بداية هلاك مبين....
سيسحبون ضعفاء القلوب وراءهم إلى هاوية قرارها سحيق متين....
لقد حاول المفكر ان يجد له رفيقاً في هذه الحياة فما وجد إلا كل محتال يدعي أنه الأخ المخلص وفي قلبه لعنة على كل من قال أين العدل وأين المعين ....
بحث الحكيم عن رفيقه حتى راودته نفسه أنه يسير وراء سراب فعاد ظَمِأً وعاد له الأنين ...
انا الكاتب البائس....
رفعت عشري على رأسي ونظرت لسمائيَ الزرقاء وناشدتها بأعلى صوتي الذي ما سمعه أحدٌ إلا أنا. ناشدتها قائلا خَلّي سبيلي وامنحيني الحياة الأبدية عند خالقي فلست أصبر على قوم أخذوا الحياة مكرا وخداعا وأصبحوا أسياداً وأصبحوا هم الآمرون تبا لنا ولعيشنا إن كنا في مثل هذا العيش صاغرون......!
الرئيسية 
