محكمة الآخرة
في جلسة محاكمة علنية لروح أحد المتوفين قبل أن تلتحم نفسه
بجسده مرة أخرى ليعيش السعادة والخلود في العالم الأبدي الجديد
سأله قاضي محكمة الارواح : أيها الروح هل كذبت ؟
قال : نعم كذبت على زوجتي في مدح جمالها وجودة طهوها .
القاضي : وهل عذّبت حيوانًا ؟
الروح : كلا . عدا ذلك العصفور الذي أعجبني صوته ،
فحبسته لمدة يومين ثم أطلقته .
القاضي : هل أسلت مرة دماء حيوان دون ذنب ؟
الروح : كثيراً يا سيدي حين كنت أقدّمه قرباناً للإله كي أطعم الفقراء .
القاضي : هل كنتَ سبباً في دموع إنسان ؟
نعم ، أمي حين مرضتُ بين يديها .
القاضي : هل لوّثت مياه النهر ؟
الروح : نعم حين سبحت فيه مرة وأنا في وقت عملي .
القاضي : هل قتلتَ نباتاً أو زهوراً ؟
الروح : نعم ، حين إقتلعت زهرة لحبيبتي .
القاضي : هل سرقت ما ليس لك ؟
الروح : نعم . سرقت قلب وحب جيراني من غير ملّتي وديانتي .
القاضي : هل تعاليتَ على غيرك بسبب علوّ منصبك ؟
الروح : كنت أرى نفسي أضعف الخلق أمام عظمة الرب .
القاضي : هل إرتفع صوتُك أثناء الحوار ؟
الروح : لم أكن أحاور سوى ربي باكياً هامساً .
القاضي : هل خاض لسانك في شهادة زور ؟
الروح : قلتُ زوراً حين سترت على جارة لي .
القاضي : هل قبلتَ رشوة ؟
الروح : نعم ، كثيراً جداً عندما
تلقيت قبلات من طفلتي لتلبية طلباتها .
القاضي : ما هو أهم عمل صالح قمت به ؟
الروح : كنت يداً لمشلول ، وساقًا لكسيح ،
وأباً ليتيم . فكان قلبي نقيّا ويداي طاهرتان
وغنيت وضحكت وقهقهت ورقصت
وعزفت على الناي في فرح جار لي من غير الأوغاريتيين .
القاضي : مبروك لك أيها الروح . لقد نجحت في المرحلة الأهم .
قالها القاضي وهو يقفل المحضر تحت نظرات الإستغراب من الروح .
الروح يسأل : يا سيدي القاضي - ألن تسألني عن إيماني
وعبادتي وصلاتي وصيامي ونسكي ؟
القاضي : لا أيها الروح الطاهرة . تلك قضية
لا سلطة لأحد عليها ويحددها الرب وحده فقط .
================
رائعة تاريخية من نص "أوغاريتي" كُتب منذ أكثر من سبعة آلاف سنة ،
وهو محفوظ اليوم في "متحف اللوفر في باريس" .