وَمَا خَوْفَ الرَّدَى أَخْشاهُ لَكِنْ
الشاعر مصطفى السنجاري
وَمَا خَوْفَ الرَّدَى أَخْشاهُ لَكِنْ
لِحَاجَةِ مَنْ أُفَارِقُهُم إِلَيّا
مَتَى أمْسَوا عَلَى خَيْرٍ بِدُوْنِي
أَقُلْ : أَهْلاً لِدَاعِيْ الْمَوْتِ هَيّا
فَأَهْلاً بِالرَّدَىْ لَوْ جَاءَ يَوْمًا
أَرَىْ فِيْ عَيْنِهِمْ عَطْفاً عَلَيّا
فَلَيْتَ أَمُوْتُ لَا أَحْيا بِعُمْرٍ
أَرَانِي مَيِّتاً فِي النّاسِ حَيّا
إذَا حَلَّتْ مَنِيَّةُ آدَمِيٍّ
حَوَتْهُ بَلَحْظَةٍ وَطَوَتْهُ طَيّا
قَضَيتُ الْعُمْرَ في جلّدٍ وصبْرٍ
وَكّدْتُ أَكُوْنُ فِيْ صَبْرِيْ نّبِيّا
وَكَانَ الزُّهْدُ عُنْواناً لِدَرْبي
وَفِكْري لَمْ يُضاجِعْ قط غَيّا
وَلَازَمَنِيْ طِوَالَ الْعُمْرِ فَقْرٌ
كِلَانا كَانَ لِلثّانِي وَفِيّا
وَمَا نَظَرَتْ رُؤَايَ لِمُلْكِ غَيْرِي
لِذَلِكَ عِشْتُ مَحْمُوْدًا نَقِيّا
وَعِشْتُ عَلَى كَفَافٍ فِيْ عَفَافٍ
لِيَحْسَبَنِي الْأُلَى حَوْلِيْ غَنِيّا
لِعِلْمِيْ أنَّ فَقْرَ الْمَرْءِ عَيْبٌ
يُلَازِمُهُ ، يَعِيْشُ بِهِ شَقِيّا
وَلَا يَحْظَى بِتَقْدِيْرِ الْبَرَايا
كَمُتَّهَمٍ وَلَمّا يَجْنِ شَيّا
وَكَيْلا يَسْخَرَ الْمُغْتَرُّ مِنِّيْ
كَأَنَّ اللهَ فَضَّلَهُ عَلَيّا
أَنَا بَقَناعَتِيْ اسْتَغْنَيْتُ عَنْهُمْ
ومَا ارْتُسِمَ التَّذَمُّرُ فِيْ الْمُحَيّا
على فطريَّتي وكّلتُ أمري
وما فكّرْتُ في أمرٍ مليّا
وبرا بالذين ورثت منهم
خصال الطيب لم أصبح بغيّا
وعشت على السجية دون زورٍ
ولم أكُ خوف تغلب تغلبيّا
وَمَا فَكَّرْتُ إلاّ فِيْ زُهُوْرٍ
لِأُهْدِيَ زَهْوَها فَجْراً نَدِيّا
فَصارَ بَنيّ أعْلاماً نَشامَى
وَظَلَّ ابْنُ الغَنِيِّ فَتىً غَبِيّا