الهروب......؟/ الكاتب سالم المشني....فلسطين
فضلت أن أعود سريعا إلى عزلتي كي لا أشعر بالصداع المؤلم وكي لا أتعرض إلى وخزات صغار القوم فالصمت أجدر
لي وأن أكون على ضفاف حديقة تجري فيها المياه حيث السكون وزقزقة الطيور التي لا شأن لها بغوغاء المهرجين
الذين جابوا الطرقات والأسواق هاتفين ومبشرين بعظمتهم الزائفة التي تكسوها الألوان العجيبة....
سأعتنق ديانة غير ديانتهم وأخالف بها كل من يدّعون الصلاح فهم يمجدون من يضع أمامهم الفتات
ويهتفون لهم بالعظمة كي يحصلون على شيء من الرضى وليس كل الرضى....!
إنهم يرفعون أهل النفاق عاليا في السماء وإذا سقط أحدهم من الأعلى ينهالون عليه بالشتائم ويقولون هذا هو الزنديق.....!
حين إذن يُنشدون نشيد الخلاص وبعدها يبحثون عن من هو أشدُّ فتكا من الذي سبقه.....! إن عظمة هؤلاء الناس
ما هو إلا جُرمٌ في حقهم وهم لا يشعرون... إن الشعوب الخاوية التي لا تملك إرادتها إنما هي كقطيع جمال يقودها
حمار أليف.... ستبقى التناقضات تسيطر على قلوب هؤلاء القوم ولهذا قررت أن بأن أكون بعيدا وحيدا لأنني لن أجد الصديق
فكلهم أصحاب لأن عصر العظماء قد إنتهى.....! إن من يدّعون الصداقة هم أصحاب الساعة فقط وما صديقي إلا خلوتي بنفسي
لأكون صادقا صديقا معها، إن الذي يخلو بنفسه بعيدا عن النفاق تكون أغوار نفسه عميقة مزمجرة كقيعان المحيطات ويعيش بعدها
دون أن تظهر الثنايا بوجهه ويكمل حياته نضر الوجه دون خطوط....لم أجد في حياتي من يستحق الشكر فالشكر لله وحده يقولون
من لا يشكر الناس لا يشكر الله لكنني أتساءل من من الناس يستحق أن تشكره عندما تعلم أنه ضحك بوجهك وفي الخفاء هناك أقاويل
تقشعر لها الأبدان فانا لست بالخالق كي أخلق لي صديق فكلهم أصحاب...لقد مرت عليَّ أحقاب طويلة أصارع فيها نفسي كي أقنعها
أنني على صواب لكنها لم تستجيب فتحديتها وقررت الإبتعاد عن الأزقة المزدحمة والأروقة المظلمة التي تحاك فيها المؤامرات الخبيثة
ولهذا ساعود ثانية للترحال ما تبقى لي من أيام وأطوف بلادا لا يعرفني بها أحد وأكون بذلك قد عثرت على الراحة ووجدت سعادتي
وودعت الصداع الذي كان يرافقني طوال فترة مكوثي بين القال والقيل وهتافات المنافقين......
الرئيسية 
