يافا عروس البحر /
Hassan Abbadi
ابتدأت أسبوعي برحلة صحراويّة برفقة صديق، مررت به عند الخامسة صباحًا، حدّثته عن كتاب "رسائل في التجربة الإعتقاليّة" كنت قرأته نهاية الأسبوع، ممّا أعاده إلى ذكريات فترة مكوثه خلف القضبان و بعد ثلاث ساعات وصلنا سجن ريمون الصحراوي.
التقيت الأسير كميل أبو حنيش بعد فراق طال 81 يومًا، تعانقنا طويلًا عبر الحاجز الزجاجيّ وباغتني بالسؤال عن أحوال شادن، ديمة وسميرة، وعبّر عن انفعاله من مشاركتي وزوجتي مع عائلته حفل إشهار روايته الجديدة مع دار الآداب في معرض الكتاب في عمان نهاية أيلول القادم.
تحدّث عن مشروعه الأدبيّ القادم، ناقشته برأيي حول احتراق الجهة السابعة، الحبّ والحلم والفانتازيا وما بينهما، وصال أيروس والشهوة الجنسيّة التي تهزمها أروى الحبّ فيموت الماضي حلمًا ويحيى حلم الآتي، والانبعاث يحلّق في سماء الغرفة، ناقشنا الصوفيّة والموت والإنبعاث، فكميل جرّب الموت عدّة مرات قبل أسره، صار الموت كائن بشريّ، ملازم كالظلّ، أعدته إلى فقدان رفاقه فادي ويامن دون وداع، موت جدّته عريفة التي قاربت المائة عام بانتظار عناقه وفارقت الحياة دون وداع أيضًا، وكأس القهوة مع صاحبه الشهيد ورجائه منه تبادل الأدوار...ولَو للحظة!
فجأة صمتت السمّاعات، علمتُ من السجّان المرافق أنّه مرّت ساعتان من الوقت، احتججنا وطالبنا بإعادة "البثّ" لنُكمل حديثنا ليُلقي على مسامعي قصيدة لراشد حسين وحيفا، ببحرها وكرملها. يسألني عن فنانّة يافاويّة تحمل اسم يافا وتغنّي ليافا وحُلمه أن تُلقي بصوتها أو تغنّي قصيدته "يافا عروس البحر"، أخبرته بأنّني لا أعرفها ووعدته بالبحث عنها والتشبيك بينهما.
سألني عن الطبخة التي أحبّ أن تحضّرها والدته ساعة زيارتي لهم.....
شتّان بين أن تقرأ أدب سجون أو عن أدب السجون وبين لقاء أديب بين القضبان!!!
لك عزيزي كميل أحلى التحيّات، الحريّة لك ولجميع أسرى الحريّة، على أمل أن نلتقي قريبًا على شاطئ يافا التي تحبّ ونستمع سويّا ليافا اليافاويّة تغنّي لنا قصيدتك...يافا.
حيفا 25 آب 2019
الرئيسية 
