صَرخة لاجىء / الشاعر عبد القادر مراعبة
رجـسُ الأعادي غـَداةَ الهَجرِ أعيـاني
قسراً رَمانـي غَــريبـــاً دونَ عُنـــوانِ
أدْمى جُروحي وأرسى في مغاورِهـا
سهـماً تلظّـى ، ورأسُ السّـهمِ أدماني
جفّتْ عُيـوني وباتَ الدمـعُ يسـحَبُها
أضحتْ كخيــطٍ رفيعٍ بيــنَ أجــفاني
نامتْ ظُنـوني على أعتــابِِ ذاكِـرَتـي
والحُزن يهــذي على أوتــار وجـداني
والهـمُّ يسـري كمـا التيّارُ في كَبِـــدي
يمشي الهُوينى على أطرافِ أحْـزاني
أبكي وأشــكو ونـارُ البُعـــــدِ تُلهِبُنــي
والفـكرُ يندبُ حظّــي يومَ هجـــراني
مِنْ كلّ حـَــدبٍ أرى الآلامَ تصــرعُـني
واللّومُ منّــي لِذاتِ النَّفـــسِ أضنـــاني
مـاذا أقــولُ وحــبلُ العُسْــرِ يعصِـرني
يُبدي شُجوني ، ويُخفي لحْنَ تحـناني
يَرمي شِــباكاً خـُيوطُ الــذلِّ تجــدلُهـا
منها أُحِيكتْ على الأعـــرافِ أَكفـــاني
خَلفَ الحُــدودِ وحَــدُّ القـهرِ يجرحـُني
والنـــارُ تُقــذَفُ مــنْ أفـــواهِ بُــــركانِ
مـا زلتُ أمشـي وريحُ التّيــهِ تعصـفُني
وَوَقْـــــعُ خَـطـوي ثَقيـــلٌ دونَ ميـزانِ
عَلِّــي أُطِــلُّ عَــــلى أطـلالِ حاضِــنتي
أُلْقي سَـلامـي علـــى أمـــواجِ شُطــآني
أرمـي عُيـوني علـى أهــدابِ حارَتِــــنا
أروي جُـفــــوني إذا شاهدتُ بُســتانـي
أشـتَمُّ عِطــراً ، زهـــورُ الحــيِّ تعبقُــــهُ
وفيـــهِ رائحــــةٌ، مــنْ روحِ إخــوانـــي
أسْقـي خـــيالي دروبـاً كنـتُ أســلكُــها
ليـــلاً نهـــاراً إلـــى أبــــوابِ جــيرانـي
عُذرا ديـاري أنا مَـنْ ضـِـعتُ مـنْ زَمــنٍ
سَلـكتُ دربي ، جُــــزافاً دونَ حُســبانِ
مــا كنتُ أعْــلمُ أنَّ البّعــدَ عــنْ وطــني
يَكوي شــغـافي ويمـحو زهــوَ ألـــواني
واليـــــومَ أدْركُ ،والأفكـــــارُ تحـملــُـني
تـروي يقيني ، وتحـــمي صَفــوَ إيمـاني
أنَّ الممــاتَ علـى الأشــواكِ فــي بَلَــدي
خُلْـدٌ يُضــاهــي قصـورَ الإنـسِ والْجـانِ
هـــذا بيـاني ولحـــنُ الشّـــوقِ يعـزفـــهُ
ويفصــلُ القــولَ بعــــدَ الشــكّ بُرهــاني
أنّـي بعيـــدٌ بوزنِ الجســـمِ عَــنْ وطنـي
لكنَّ نبضــــي وروحي جَــوف أوطــاني
صَـوتُ اللُجــوءِ أحــالَ الشــوقَ أغنـــيةً
واللّحـــنُ فيـهــا ، بِــلادي كُــلُّ أكـــواني