على صعيد الحياة الاجتماعية يشتد الغزو الغربي بظاهرة المجتمع الاسلامي الذي تشبث بدينه فاعطى المراة حقوقا تتمتع بها مالم تنله المراة الغربية. ومن ابرز آفاته ان ضرب بأطناب الساحات العربية فتمكن من تمزيق الوحدة الاسلامية وبث سموم اللبرالية الراسمالية في اوساط مجتمعاتنا ونخص منها بالذكر المجتمع التونسي فاستطاع هذا الغاشم ان يهيمن عليه ويتغلغل بشرايين الكيان الأسري ليجعل من المرأة ذاك العبد الخاضع لأوامره فكانت حباله الاخطبوطية تلتف حول عنق هذا الجنس المرن ليديره على المنوال الذي يبتغيه شرعه زلزلة اركان هذا العنصر الفريد ونهب سعادته والاستيلاء على حيويته ليطمس معالم الأنوثة ويعكر بهجتها فتذوي وتندد بالذبول .,تلك هي المرأة كعشبة اليقطين تخضر وتينع لتظل مضللة لثمارها فاذا مالامستها يد الانسان تناثرت أوراقها وخرت ساجدة طيعة ,ان المجتمعات على اختلاف أجناسها وعقائدها يتمركز محورها حول دائرة هذه الخلية العميقة ذات العنوان الجميل ورائدة الاسرة والمؤسسة للمجتمع ...فهي العنصر القابل للوعظ والاتعاظ مؤهلا ليدير جيلا ويحول المفاهيم ويقيم سلوك الناشئة وهي القديرة على مواجهة الصراعات على شتى الوانها ....غاية واحدة للاستعمار هي الفتك بكل ما تعتز به الوحدة الإسلامية والتمكين من تحطيم معالم العروبة وما ينيرها من مكمّلات اخلاقية بل يسعى ليثير التصادم مع المفاهيم الدينية وما تثيره بين جمهور الناس ويظل كذلك ليجعل من المرأة القاعدة الاساسية للانقلاب العظيم على شرعية الحياة ومنهاجها واتخاذها كوسيلة لاكتساح فضاء المعيشة والحياة الإقتصادية فبعث فيها حب الانصياع والأذلال لأصحاب رؤوس الاموال كالشركات الصغرى التي استولت على حياة المرأةبجميع مفاهيمها ... فجعلت الديار مهجورة من الحيوية والبشاشة ومن روح الأمومة وقضت على كل اشعاعة كانت تبعثها المرأة في بيتها وفي ظل أسرتها .وتستمر الحياة تحت ظل العبودية ... ففي كل يوم وعند بزوغ الشمس تفتح المصانع ابوابها على مصرعيها لتستقبل العاملات بنشاط مجدد وحيوية مكتنفة لتقدمها اهداءا لمكنة المصنع وما فيه من اشغال مختلفة وتظل الساعات تقف على قوام يكاد يدركها الشلل تصارع المتاعب بعقل يصطخب فيه صراخ العاملات وضجيج المكنة لتظل هذه المناظلة تستفيد من الواقع الملموس تحت ضغط الضروف والحياة القاسية والمصير المحتوم تتحدى قسوة العيش لتحالف القوى التقدمية وتستقل بارادة لها مطالب جمة ...ويظل الكفاح مستمرا لاخر ساعات النهار فتعود هذه المعذبة لبيتها وقد انهك التعب قواها .. كالنملة تقضي سائر النهار في الجد والكد ثم تعود لغارها بعد ان اعطت من جهدها وقواها لملاذ الطبيعة ومافيها من فتات للقوت ....تعود مهرولة باقدام انهكها الوقوف في مشغل الاجنبي تعود بنفس مكتوم وجسد منخور تفارقه الحيوية والنشاطل وتثخنه المتاعب فتجمع صغارها لتلهمهم بضع الدقائق التي لا تشبع الحشاشة ثم سرعان ما تقوم لتبير شؤون بيتها وتحضر لهم بعض الطعام لسد الرمق .لا يمكنها الاستعداد الكافي لتطلع على امالهل البعيدة او لتقف على نطاق التربية والصحة والتعليم وكل ما ينشده الطفل في ظل سعادة ابويه ...انها كائن فريد في طبعه لايهدا ولا يرتاح يقدم المجهود الكبير بمقابل نصيب لايسد رمق العيش .هكذا موقف المراة التونسية ازاء حياة يتفرع منها منهج الراسمالية الذي ساد المجتمعات العربية ودمر الحياة الاسلامية وهو من اخطر الاثار التي تعود بالسلبية على حياة المرأة التي انحنت قسر ارادتها لهذه المنظومة الفاسدة وخضعت لها كرها وقد شاءت ارباب الراسمالية ان تجعل من تونس محطة واسعة النطاق لتشيد الشركات الخاصة المعروفة بالمعامل وهذه الشركات كان لها دور عظيم في غزو المراة التونسية والقضاء على سيادتها ...فرسخت بذهنها عبادة الدينار والسعي وراء مدارك الحياة والقيام بجميع الشؤون لاحراز النجاح وتدبير الفائض لتحقيق الغرض المنشود .ومن خصوصيات الاستعمار ان ظل يتمخض في الساحات العربية ليلد فيها كارثة النظام العلماني ويتزعم المؤسسات التربوية واغراق المجتمع الاسلامي في صنوف متاهاته .. وكانت الثقافات العلمانية اول من احدث دويا قويا في اوساط المجتمعات الاسلامية مما جعل المرأة تتخلى عن هيبتها لتنطلق باسم الحرية والتطور الى حتمية الخنوع لمتطلبات الراسمالية النكراء التي نزعت منها مكانتها المرموقة لتهيمن على طاقاتها وبسرعة مذهلة استطاع هذا الفكر ان يسقط هذه القلعة ويهدم كيانها وينقل العدوى من هنا وهناك لياسر قيمها ويشتت اتجاهاتها ويحول انوثتها الى الة مصنعة تدير المؤسسات الخاضعة لقوانين الغرب والتي توظفها السيدة العاملة بمقاييس مستوردة من موضع الفكر العلماني المدكتر الذي لو كان عادلا لاعطى المراة حقها وجعل لها المناخ الذي يناسب حياتها رفقة طفلها وزوجها ضمن البنية الاسرية التي تمثلها ...فالعدل والانصاف من حبك الاسلام ولو شاء المسلمون الحفاظ على اسسهم النبيلة لما استطاعت هذه الفطريات الغربية التدخل في شؤونهم واحتلال سعادتهم وتمزيق وتفكبك الشان العربي بكل معطياته .كان على اصحاب القطاعات والشركات ان ينصفو المراة العاملة فتعمل نصف اليوم حتى لاتغامر بيوم كامل بين اكناف العمل لتعود منهوكة القوى وهذا الانصاف سيعود بحظ اوفر على الشركة والعاطلات عن العمل في نفس الان فتلك اللواتي لم ينشدن وظيفة لسد حاجياتهم ومتطلّباتهم الأسريّة ... و من هنا تبدأ نقطة الإصلاح للمجتمع المدني الذي يعيش بين الطبقة المكتفية و طبقة الخصاصة و بين من يعيش الرفاهية و من يعيش القلّة و الحرمان .. إنّ وجوب وضع الخطط لمعالجة و تقييم ما أفسده الغرب بأنظمة الماركسيّة و الرّأسماليّة و غيرهما من الأنظمة السّائدة و التي انتهجت منهج الديبلوماسية الإرهابية لدمغجة الحياة بمساوئ مفتعَلة. إنّ حياة المرأة العاملة تقوم على قوام الإضطهاد لتظلّ هذه المسكينة كاسفة الرّجاء كئيبة البال تقوم كلّ صبيحة لتغادر بيتها منذ بزوغ الشمس إلى أن ينادي الشفق أرجاء السماء تتسابق مع الزمن بنفس كبيرة فتسارع بتحضير ثغارها و توزيعهم بين المدرسة و الحضانة و المربّية ليبقى البيت مهجورا من نفس الحياة و أما الرجل يظلّ يدير ما استطاع من شؤون المنزل او يتخلّى عمّا تعسّر عليه ليبقى يراود فراغ بيته و يقاوم الوحدة التي تهاجمه بوحشيّة فيهرول للخروج نحو المقهى المجاورة ليقابل وجوه مألوفة قد تنزع عنه نكد العيش و مقت الحياة و كلّ ما يعنيه أن يشفر هذا الوقت و يستميته ببعض السجائر أو التسابيح الشيطانية كالميسر و غيره ... .. تغيب المصداقية في ظلّ الحياة العلمانية و يغيب فيها سرّ الحقوقيّين الذين ما استطاعوا تسليط الضوء على هذا المخلوق المعذّب في متاهات الحياة فأين حقوق الطّفل المحروم من رؤية أمّه طيلة اليوم و هو يُعدّ الدّقائق و الساعات و حبال الكآبة تخنق فيه الابتسامة و المرح الطفولي !!