استسلَمَت للنوم ... بعد يوم ٍ حافلٍ بمشقات الحياة / د. سناء نصرة
... استسلَمَت للنوم ... بعد يوم ٍ حافلٍ بمشقات الحياة ، بعد ساعات ٍ طويلة من الجهد الجسدي والإرهاق الذهني ..
استلقَت في فراشِها إيذانا بانتهاء ِ رحلة ٍ أخرى من رحلات العالم
المادّي ، وبَدءِ رحلتها الفريدة في عالمها الروحاني الشفيف ..
فسرّحت خصلات شعرها المبعثرة ، وارتدَت ثوبَها الحريريّ الأبيض .. ثم انطلقَت تتهادى بين البساتين الخلّابة والحقول الخضراء ، ذات النباتات العِطرية ، والأزهار البرية .. فامتلأَ صدرُها بِشذى الوُرود وعَبَق ِ الياسَمين ..
وشاهدَت أسرابَ الطيور فرِحةً مغردةً بين التلالِ والفِجاج ،
وأطربَ سمعَها خريرُ المياه ِ في الجداول العذبة ، والأنهار الجميلة ..
... كما خُيّلَ لها أنها تستنشقُ نسائمَ عَطِرَة قد تسرّبَت من
( أبواب الجنة ) ... ! رائحتُها أشبه ما تكون برائحة المسك والبخور ... فملأَت الفضاءَ سحرًا إلهيا ، وبهاءً شهيا ...
يا لهُ من عالم ٍ فريد !! ويا لَها من رحلة ٍ رائعة !! وقد زادَ
من روعتها تلكَ الفراشاتُ الملونة = صديقاتُها المخلصات =
اللواتي وَعَدنها أن يُرشدنَها إلى مكان حبيبِها الغائب في عوالم مجهولة .. ! وها هُنّ يَفينَ بالوعد .. ويوصِلنها إليه .. حيثُ حضنُهُ الدافئ ، وعشقُه السرمديّ ؛ ليعيشا معا حياةً آمِنة ... خاليةً من العناء ، زاخرةً بالمحبة ِ والوفاء ...