لم يهُن عليها رؤية الحزن والانكسار في عينيه / الاديبة سناء نصرة
لقد تعرضت " المنجرة " التي ورثها عن أبيه لخسارة كبيرة
عجزَ أمامها عن دفع مستحقات الكهرباء والماء وأجرة البيت
وتكاليف الحياة الباهظة ؛؛
فوقعت الأسرةُ فريسةً لقطع هذه الخدمات ...
وبدَت علاماتُ الكآبة على وجه طفلته ِ الصغيرة وزوجته الصابرة ،
والتي اضطرت لإضاءة الشموع لثلاث ليالٍ متتالية ؛؛ لتبدّدَ ظلمة الليل الحالكة ...
نعم ، لم يهُن عليها ذلك .. فما كان منها إلا أن ذهبَت إلى سوق الصاغة
- خفيةً عن زوجها - وباعت آخر قطعة ذهبية تملكها ..
وهي عبارة عن قرط ذهبي ثمين ، كانَ قد أهداهُ لها والدُها
- رحمه الله - يومَ زفافِها ،،
وبعدَ أن قبضَت ثمنَه ، بادرَت إلى دفع أجرة البيت ، والفواتير المُستحقّة ،
ثم عادَت إلى بيتها وشعور الحمد والرضا يغمر كيانَها
وأما هوَ ، فقد تظاهرَ بتصديقِها .. حينما أخبرتهُ بأنها كانت
توفر شهريا مبلغًا من النقود ؛؛ تطبيقًا للحكمة القائلة :
( خبّئ قرشك الأبيض ليومك الأسود )
ولكن بالطبع لم يكن متعذرا عليه أن يرى زوجتَهُ وقد جردت
أذنيها من ذلك القرط العزيز على قلبها ...
فما كانَ منه في اليوم التالي إلا أن يأخذَ الخاتم النفيس والعريق ( الخاص بالعائلة ) ،
والذي كانَ يُخبئه لابنه ِ المنتظَر ؛؛ حيثُ جرت العادة أن يتوارثَه الابنُ الأكبر
في الأسرة ( أبا عن جدّ ) ؛؛ ليبيعَهُ ويشتريَ لها قرطا جميلا شبيها
بذلك الذي ضحت به ِ لأجلِه ...
وبشّرَها بأنه سيباشرُ عملا جديدًا في شركة كبرى
للأخشاب والنّجارة ... حتى يأتيَ أمرُ الله والفَرَج القريب ؛؛
فيستأنف العمل في منجرته ِ الخاصة ...
وأما الطفلة ،، فقد كانت السعادةُ تنيرُ عينيها الجميلتين
وهيَ تُتابع من جديد برامجَ الأطفال التي تُحبها ...