هدير الضمير - نكبة حلب !! - شعر: ياسين عبد الله السعدي
قف في رُبى حلبٍ وانظرْ إلى حلبِ *** واذرفْ دموعك مما حلَّ في حلبِ
انظرْ إليها: فهل في مثلِ نَكْبتِها؟ ***هل جاء فيما روى التاريخُ في الكتب؟
ماذا دهاها، وماذا حلَّ في حلبِ؟ *** وكيف استحالتْ لِأَطلالٍ مِنَ الخِرَب
ماذا يُرى غيرَ أطلالٍ مُهَدّمِةٍ *** أَهذهِ حلبٌ؟ يا هوْل مُنقلَبِ !!
القلبُ منفطرٌ حزناً لمشهدها *** والمرءُ يبكي بدمعِ العيْنِ مُنْسَكِبِ
فهل رَوَتْ كتبُ التاريخ فاجعةً *** بمثل ما حلَّ في الشهباء من نُوَبِ؟
وهل روت كتب التاريخ كارثة *** كما جرى بك سوريا من النُّكَبِ؟!
كل المصائب في الماضي وإن عَظُمَتْ *** ليستْ بشيءٍ لما قد حلَّ في حلبِ
فمن رأى حلباً في عُمْق نكبتِها *** يبكي عليها بدمع العين مُنْصَبِبِ
فكل ما كانت الأنباء تنقله *** عن المصائبِ، صدق ليس بالكَذِبِ
*****
يا أُمَّةً وَهَنَتْ من طول فُرقتِها *** ومزَّقتها أعاديها إلى إِرَبِ
نامت ولم تعد الأهوالُ توقظها *** تَلقى الهوانَ وما مِنْ صرخةِ الغضبِ
إن العروبةَ قد ماتتْ شهامتُها *** كأنما هي ليستْ أمةَ العربِ
أما الزعامةُ في صَمْتٍ مُسَنّدةٌ *** كأنما هي أصنامٌ من الخَشَبِ
ترى الدمارَ ولكن لا تُحرِّكُها *** مشاهدُ الناسِ إذ تجري إلى هَرَبِ
كأنما القومُ في أيام أندلُسٍ *** راحوا يفرون في خوفٍ وفي رُعُبِ
*****
أبا الفوارس إن الفرسَ قد وَثَبوا *** وأنتَ تَرْقُدُ لم تَنْهضْ ولم تَثِبِ
والرومُ بعدُ بإسْمِ الروسِ قد رجعوا *** هلَّا نَهَضْتَ لهم في جيشك اللَّجِبِ
والطائراتُ تجوبُ الجوَّ سابِحَةً *** كأنما هي أرتال من الشُّهُبِ
تصبُّ من حِمَمِ الأحقاد تُمطرُها *** تُلقي القذائفَ طوفاناً من اللَّهَبِ
جارَ الزمانُ ودار الدهرُ دورتَه *** عاد المجوسُ وحلَّ الرومُ في حَلَبِ
*****
نبعَ الحضارة يا رُكناً به شَمَخَتْ *** أمجادُ عِزٍ مضى، يا دوْحةَ الأدَبِ
غابتْ شُموسٌ من التاريخِ وانْطَفَأتْ *** وشمسُ مجدكِ لم تَغْرُبْ ولم تَغِبِ
تبقى تُضيءُ على الأيام ساطعةً *** وسوف تَرجِعُ تُحيي سالفَ الحِقَبِ
أما العُلوجُ فلن يبقى لهم أَثًرٌ *** فلا مُقامَ لخَوّانٍ ومُغْتَصِبِ
وسوف تَرجعُ للإسلام دولتُه *** في ذات يومٍ من التاريخِ مُرْتَقبِ
وسوف يَطلُعُ فينا ألفُ معتصمٍ *** وسوف يأتي صلاح الدين عن قُرُبِ
وسوف نَهْزمُ أهْلَ البَغْيِ قاطبةً *** وسوفَ ترجعُ تَعْلو رايةُ العَرَبِ