الشعرُ والسّيف / د. مصطفى السنجاري
اِيْهاً ..وَدَعْكَ مِنَ الأشْعارِ يا قَلَمُ
لَنْ تَسْتَرِدَّ القَوافي حَقَّ مَنْ ظُلِموا
سَأَصْحَبُ السَّيْفَ خَيْراً مِنْكَ مُصْطَحَباً
فالسَّيْفُ يَمْخُرُ في الجُلّى ويَقْتَحِمُ
يَشدُّكَ المُتنَبّي نَحْوَ قافِيةٍ
ولا يَشُدُّكَ سَيْفُ الدّوْلَةِ القَرَمُ
نَحْوَ الفِدا..وأبو تمّامَ قُدْتَ بِهِ
هَلاّ يَقُوْدُكَ ، حيثُ الذَّوْدُ ، مُعْتَصِمُ
إنْ كُنْتَ , يا أنْتَ ، تَبْغي المَجْدَ منْ زَمَنٍ
فالمَجْدُ للسَّيْفِ قَبْلَ الشِّعْرِ يَبْتَسِمُ
إنَي خَبِرْتُ مِنَ التّاريْخ كَمْ سَمُقَتْ
بالفارِسِ المجدَ لا بالشاعرِ الأُمَمُ
الشِّعْرُ لِلْحُبِّ يوم القلبُ ينشِدُهُ
والسَّيفُ للحَرْبِ يومَ الرّوعُ يصْطَلِمُ
ولَسْتُ أُعْلِنُ أنْ في الشعرِ منْقَصَةٌ
لكنّما العِطْرُ لا يُبْرى بِهِ السَّقَمُ
واللهِ نَصْلٌ يُمَحّي عارَ حامِلِهِ
أبهى من الشّعرِ ما قالوا وما نَظَموا
أيْنَ الفَعولُ مِنَ المِقْوالِ يومَ وغىً
إنَّ الفَعوْلَ يَدٌ حيثُ القَؤوْلُ فَمُ
هَبْنا نَصوْغُ القَوافي سِفْرَ مَلْحَمَةٍ
فَمَنْ لِثَأْرِ أخي والجارِ يَنْتَقِمُ
حَتّى وَإنْ أُسْرِجَتْ كالخَيْلِ أَوبِدَتي
وكالفوارِسِ راحَتْ تَزْحَفُ الكَلِمُ
والحَرْفُ باتَ رَصاصاً في انْطِلاقَتِهِ
فإنَّ أَفْتَكَ مِرْصادٍ لَهُ الصَّمَمُ
قَدْ يَجْهَلُ الخَصْمُ مِنْ أقلامِنا لَغةً
لكنّهُ من صليلِ السّيفِ يَفْتَهِمُ
ما أتْعَسَ العَيْشَ في دنيا يموتُ بها
نَجْلُ الصمودِ وأنجالُ الونى سَلموا
هَيّا إلى السَّيفِ يا كُلَّ الذينَ لهم
في حَرّها مِنْ بقايا حُرَّةٍ لمَمُ
إنّا إذا لَمْ نُرَخِّص للبلادِ دَماً
يَومَ الكَريهَةِ..لا كُنّا ولا الشّيَمُ
أفدي دِماءً لأجْلِ العِزِّ قد نُزِفَتْ
يا لَيْتَ شِعْرِيَ هَلْ يفْدي الدّماءَ دَمُ