موضع الاختبار ( حوارُ أبٍ وابنِه)
..................
- سلام الله على أبي
- عليك سلامُ إرادتِك يابنيّ
- سلام إرادتي ؟! .وهل السلام من إرادتي أم من إرادة الله؟
- إرادة الله ثابتةٌ في مطلقِ المكان والزمان
( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)
- ولماذا نحن في عسر ما دام اليسرُ إرادةَ الله بنا؟
- ولذلك قلتُ لك عليك سلام إرادتك...لأن إرادتك لم تفهم إرادة الله ولم تستجب لها. ولذلك أنتم في عسر
-صدّقني يا أبي أنا مؤمنٌ بالله ومُصدِّقٌ بأنبيائه وكُتُبه ومُوقِنٌ بيوم المعاد الذي يُحاسَب فيه كلُّ امرئ بحسب عمله
-كم عدد المسلمين في الأرض اليوم ؟
-بحدود مليار وستمئة مليون
أليسوا مؤمنين بأن الله ربهم ومحمداً نبيهم والقرآن كتابهم والكعبة قبلتهم؟
-أظن أنهم مؤمنون بذلك
- كم عدد المسيحيين اليوم؟
- نحو مليارَي نسمة
- أليسوا مؤمنين بالمسيح الحيِّ وأمّه العذراء وتلاميذه القديسين . أليسوا مُصدِّقين بالإنجيل العظيم؟
- أظن ذلك
- وقس على ذلك باقيَ الناس...إنّ أكثرَ أهل الأرض مؤمنون بالله ومُنتسبون إلى الأنبياء والحكماء والربانيين..فهل الجميعُ مؤمنون حقا بالمعنى الذي يُخوِّلُهم دخولَ الملكوت الأعلى ؟ ثم كيف تفسّر هذا الظلم في الأرض
المجتمعات البشرية غارقة في بحور الظلم والآلام والأحقاد والعداوات .لماذا تجري الدماءُ أنهاراً بينهم وتشتعل القلوبُ من الحسد والبغضاء ناراً..لماذا كل هذا الدّمار الأخلاقي والعمراني على الأرض؟ لماذا يموت الملايين من الناس جوعاً بينما يموت آخرون تُخمةً و نَهَماً وطمعاً ؟! هل هذا هو حصادُ الإيمان بالله والأنبياء ؟
- كيف تفسّر ذلك يا أبتاه؟
- يا بني إن الناس لم يَفطنوا إلى موضع اختبار الله لهم...الناس متمسّكون بغيبٍ ومتعلّقون بوَهمٍ ..كم يفصلهم عن الأنبياء الذين يدّعون تصديقَهم ومحبّتَهم..يابنيّ إن الله والأنبياء جميعا قابعون في أعماق كلٍّ منّا..ولكن للأسف للأسف...
- على ماذا تأسف يا أبتي
- يابني ألم تقرأ في كتب السماء أن الكثير من الأنبياء قَتَلَهم أقوامُهم أو أخرجوهم من ديارهم .
هذه الصُّوَرُ الإنسانيةُ يابني هي دِيارُ الأنبياء وهؤلاء الأنبياءُ فينا بين مقتول ومطرود
و الناس يخادعون الله والله خادعهم في نهاية الأمر لأنهم ظلموا أنفسهم
يابني إن تعاليمَ الأنبياء هي الأنبياء بالحقيقة والجوهر..وموت تعاليمهم فينا هو المعنى الذي أشار إليه الوحيُ من قتل الأنبياء وإخراجهم من ديارهم بغير حقّ ..يا بني إن الله لايختبر لسانَك بحُبِّ أسماء أنبيائه .بل يختبر قلبَك وجوارحَك بتعاليمهم .فإذا رسَخَت تعاليمُهم بقلبك ونفَّذَتها جوارحُك بصدق قلبك تكون أحييتَ جوهرَ اللهِ والأنبياءِ فيك...هنا هنا موضع الاختبار يابني
إن الذي تقول عنه ماضٍ هو حاضرُك الذي سيستمرّ معك إلى ماشاء الله.
يابني أحسِنْ إلى الناس لأن اللهَ يريد ذلك وليس لشيء آخر..فالذي يُدخِل في حسابه غيرَ إرادة الله فسل عنه حذيفة يقل لك إنه من المنافقين
يابني إن الله يختبرك بأهلك وجيرانك وأصدقائك والناس الذين يعيشون في زمانك..فلا تمدح لي رجلا مات منذ خمسة قرون وتذمّ لي قريبَك وصديقك ..افهم ذلك
- عليك سلامُ إرادتِك يا أبي..فوالله لا أرى إرادتك إلا مرآةً تنعكس عليها إرادةُ اللهِ ربّ العالمين
......................
سام صالح