قصيدة على جليد النافذة
قصة قصيرة:
بقلم: هاني زريفة
بساط الشتاء ضيق، وقد ضاق أكثر هذا المساء... أشباح كانون السوداء تصفر خلف النوافذ؛ فتترك الليل في رهبة وخشوع... أنفاسه اللاسعة تجمد الزجاج والحجر... الكهرباء تغيب أكثر مما تحضر ... وشبكة النت أوهى من بيت العنكبوت!
مجموعة شعرية نشرت صوري - دون استشارتي- على أنني مشارك في أمسية شعرية على (المسنجر) هذا المساء، ولم يعد مجدياً الاعتذار.
ومجموعة ثانية دعتني إلى سجال شعري على قصيدة أحبها كثيراً، بحراً وقافيةً موضوعاً، وكلي ثقة بأنني سأبدع إذا شاركت في السجال!
وصلت (الراوتر) على المدخرة والكهرباء معاً؛ تحسباً لانقطاع الكهرباء، وأحضرت مصباحاً يعمل على المدخرة.
حين فُتحت كاميرات الهواتف رأيت غرفهم التي تشع نوراً ودفئاً مزودةً بكل وسائل الترفيه، وكانت غرفتي مظلمة باردة، يتجمد البخار على زجاج نافذتها.
قدمت قصيدتي الأولى وكانت عيني لا تزال متورمة تنز دمعاً ودماً، على أعقاب عمل جراحي لم يكلل بالنجاح، فطلبت أن أنضم إليهم بالصوت فقط وفصلت الكاميرا.
وفي فترة تقديمهم لقصائدهم كنت أنظم أبياتي التي ستشارك في السجال، وأنقطع عنها حين يجيء دوري من جديد.
طالت الأمسية، وطال بردي والمي... مفاصلي لم يعد فيها حياة... أصابعي لم تعد قادرة على الإمساك بالقلم... قصيدتي تبللت بالدمع والدم... البخار تحول فوق زجاج النافذة إلى جليد؛ ليتهم ينهون هذه الأمسية ... ليتني أستطيع الاعتذار.
أنهيت كتابة القصيدة وأخذت بطباعتها على برنامج خاص، ستكون جاهزة قبل أن يأتي آخر دور لي!
وصلت هاتفي بالشاحن... أرسلت القصيدة إلى مجموعة السجال... فتحت الكاميرا وسلطتها على عيني الدامعة المدماة، وعلى قصيدتي المبللة بالدمع والدم وألقيتها على المجموعة.
قالوا بأنها عصماء تستحق أن تكتب بماء الذهب وتعلق على أستار الكعبة!
شكرتهم وقلت بأنني كتبتها بدمعي ودمي وسأعلقها على جليد النافذة.
(تمت).