فنون رسم التّفاصيل القياسيّة الهندسيّة
بقلم: حسين أحمد سليم
إستكمالا لوضع تصاميم الدّراسات الهندسيّة الدّقيقة للمشاريع, وعلى إختلاف أنواعها وخدماتها, معماريّة كانت أو إنشائيّة, أو شبكات كهربائيّة أو ميكانيكيّة, أو خدماتيّة للبنى التّحتيّة, أو شبكات مواصلات, من طرق وسكك حديديّة, أو أنفاق أو جسور, أو سدود على مجاري الأنهار, أو تجمّعات مائيّة في برك وأحواض كبيرة, أو مطارات ومدرّجات طيران, او محطّات ترسيب وتنقية وتعقيم... هذه الدّراسات التّصميميّة لمثل هذه المشاريع, واسعة كانت أم مختصرة, يتطلّب إستكمالا لها, وضع وتصميم ورسم وتشكيل, العديد من الرّسومات التّفصيليّة القياسيّة والتّوضيحيّة اللازمة, والتي تُسهّل على المهندس التّنفيذي, عمليّة قراءة الخرائط والمخطّطات, وبالتّالي الدّخول في تفاصيل كلّ نواحيها بشكل واضح وجليّ, ممّا يتكوّن التّسهيلات الكافية لدى هذا المهندس, المسؤول ميدانيّا عن سلامة كلّ شاردة وواردة, وصحّة ودقّة تنفيذ هذه التّفاصيل, التي في مجموعها العامّ, تُشكّل منظومة متكاملة في بنيان هيكل المشروع...
لا تقتصر عمليّات فنون رسم وتشكيل التّفاصيل القياسيّة التّوضيحيّة, على مجمل المشاريع الهندسيّة فقط, بل تتعدّى ذلك إلى المشاريع التّصنيعيّة في المعامل والمصانع, خاصّة المتخصّصة في تصنيع أنواع مختلفة, من القطع الحديديّة على إختلافها, وتصنيع القطع النّحاسيّة, وتصنيع القطع الألمينيوميّة, وتصنيع الأدوات الخزفيّة والزّجاجيّة, ومعامل تصنيع الأنابيب والقساطل الإسمنتيّة واللدائنيّة والمعدنيّة, ومصانع الحجارة والألواح الرّخاميّة والبلاط والموزييك على إختلاف أنواعها... وكذلك مصانع الأخشاب والأبواب والنّوافذ, ومصانع الأثاثات والمفروشات الخشبيّة والمعدنيّة والبلاستيكيّة...
ويعتمد على فنون رسم التّفاصيل القياسيّة التّوضيحيّة, المهندسون المختصّون بالهندسة التّجميليّة, داخل وخارج المباني, بما فيها هندسة تجميل الحدائق والسّاحات العامّة... وكذلك يعتمد على مثل هذه التّفاصيل مصمّموا الأزياء والملابس, ومصمّموا الأثاثات والمفروشات المنزليّة والمكتبيّة... وكذلك الفنّانون النّحّاتون في تفاصيل أوجه ومشهديّات منحوتاتهم ومسطّحاتها... ويندرج ضمن لوائح, فنون رسم التّفاصيل القياسيّة, الخرائط والكتيّبات السّياحيّة, ونشرات المعالم الأثريّة في المتاحف والمعارض... وكذلك مخرجوا الصّحف والمجلاّت والدّوريات, الذين يعتمدون على أنواع كثيرة من الرّموز والمصطلحات وأنواع من الخطوط والألوان والأشكال...
هذا, ويعتمد على فنون رسم التّفاصيل الهندسيّة القياسيّة التّوضيحيّة, جميع الإدارات الإنشائيّة, وإدارات الصّيانة والتّنظيفات في هيكليات الوزارات والدّوائر الرّسميّة, وأمانات ومصالح البلديّات في المدن والبلدات والقرى والأحياء... بحيث تعتمد كلّ إدارة أو أمانة على مجموعة من التّفاصيل التّوضيحيّة, تمّ إعدادها وتصنيفها وتبويبها وجمعها وطباعتها في كتب توجيهيّة خاصّة, بعد درسها وتصميمها من قبل مهندسين إختصاصيين خبراء في المجالات المستهدفة, وفق المتطلّبات اللازمة للجهات المعنيّة, وقام برسمها وتشكيلها في مخطّطات نموذجيّة, إختصاصيّون محترفون ومبدعون مبتكرون في فنون الرّسم والتّشكيل والإخراج, بما يتطابق والنّماذج والمصطلحات الهندسيّة الدّوليّة, ومستويات الدّقّة التّقنيّة ومعايير الجودة العالميّة...
هناك العديد من الإدارات الرّسميّة في غالبيّة الدّول المتقدّمة والمتحضّرة, الأميريكيّة والأوروبّيّة والأسيويّة والأفريقيّة والأستراليّة... وتعتمد مراجع ووثائق فنّيّة هندسيّة تفصيليّة قياسيّة وتوضيحيّة, بمثابة مرجعيات توجيهيّة لمن يُكلّف بوضع الدّراسات والتّصاميم الهندسيّة المختلفة, ضمن نطاق ومهامّ مسؤوليّاتها الميدانيّة... وفي وطننا العربيّ, نذكر على سبيل المثال لا الحصر, مخطّطات ومراجع وكتيّبات تتعلّق بفنون رسم التّفاصيل الهندسيّة القياسيّة والتّوضيحيّة, لأنواع مختلفة من المشاريع, التي تنوي أمانات الإدارات تنفيذها بعذ وضع التّصاميم والدّراسات الهندسيّة اللازمة لها... ومنها مثلا: أمانة بلديّة جدّة في المملكة العربيّة السّعوديّة, وأمانة بلديّة دبيّ في الإمارات العربيّة المتّحدة, وإدارة الشّؤون الفنّيّة في وزارة الإسكان بمملكة البحرين... فيما تعتمد بعض الإدارات والأمانات الرّسميّة في بعض الأقطار العربيّة, على نماذج ومرجعيّات تفصيليّة قياسيّة وتوضيحيّة, مستوردة من بعض الدّول الكبرى كبريطانيا وفرنسا وأميركا, من خلال مواثيق التّوأمة بين هذه الإدارات وما يتطابق ويتوافق معها في الدّول الغربيّة...
وفيما يتعلّق بالإجراءات التّنفيذيّة التّوقيعيّة, لفنون رسم وتشكيل التّفاصيل القياسيّة التّوضيحيّة, وبشكل عامّ... فيجب مراعاة نواحي كثيرة في عمليّات الرّسم والتّوقيع في مخطّطات نموذجيّة, بحيث من المفترض إختيار الحجم القياسي النّموذجي العالمي, لمساحات الورق المعتمد لمثل هذه الرّسومات, فهناك المقاييس المعروفة بالسّلسلة "ألف" والسّلسلة "باء" والسّلسلة "سي"... والمفضّل إعتماد مقاييس السّلسلة "ألف", وإختيار المقياس الورقي "ألف 3 " منها لمرونة وسهولة التّعامل مع حجمه وبالتّألي سهولة حفظه في أدراج ورفوف الخزائن والمكتبات...
أمّا من ناحية مقاييس التّفاصيل للرّسومات المختلفة, فيجب مراعاة المقاييس التّفصيليّة والتّوضيحيّة النّسبيّة, ووفق الضّرورة التّفصيليّة والتّوضيحيّة اللازمة, والتي تتوزّع بين مقاييس مختلفة, كمقياس, الواحد إلى خمسين, وما دون, كمقياس الواحد إلى خمس وعشرين, والواحد إلى عشرين, والوحد إلى عشرة, والواحد إلى خمسة, والواحد إلى إثنين, والواحد إلى واحد... هذا فيما يتعلّق في رسومات الخطوط والأشكال المختلفة, والتي يُفضّل إعتماد الألوان القياسيّة الأساسيّة والمشتقّة في تصنيف توقيع أشكال الخطوط وأنماطها موصولة ممتدّة أو منقوطة أو متقطّعة أو خليط بينها... هذا ويجب مراعاة تدميج رسومات التّفاصيل رموز ومصطلحات تعبيريّة, يتمّ وضع شروحاتها إلى جانب كلّ منها, للدّلالة عليها...
وأمّا فيما يتعلّق في كتابة الشّروحات, لهذه الرّسومات التّفصيليّة والتّوضيحيّة, فمن المفضل من نواحي تنظيميّة خاصّة بالرّسومات, ومسألة عدم إكتظاظ وإذدحام مساحات التّفصيلة بكتابة الشّروحات, التي تطمس الكثير من الإضاءة بين الخطوط, ممّا يجعل التّدقيق في رؤيتها صعبا ومجهدا للعين, عدا عن إضاعة الوقت وإستهلاكه في عمليّة البحث عن ناحية ما... أن تكتب بعض هذه الشّروحات الرّئيسيّة للتّفصيلة القياسيّة, وضمنها فقط, كعناوين ومقاييس ولفتات توجيهيّة, ويُستعاض عن باقي الشّروحات الكتابيّة الأخرى والثّانويّة, في عمليّة التّرميز لها أو التّعبير عنها, بالأرقام أو الأحرف أو الرّموز القياسيّة, وفق اللغة المعتمدة, على أن يتمّ شرح هذه الأحرف والأرقام والرّموز بالقرب من أحد جوانب التّفصيلة, أو في مساحة هامش المخطّط للتّفصيلة, على أن لا تتكرّر هذه الأحرف والأرقام بالتّرميز لأكثر من قطعة أو أداة في رسوم التّفاصيل بالمخطّط الواحد, أو في باقي المخطّطات الإستكماليّة, حفاظا على عدم الضّياع في متاهات لا طائل منها, أو إختلاط التّفاصيل ببعضها البعض وتشابكها, وهو ما يُعتبر قصورا فنّيّا في عمليّات برمجة وتشكيل فنون الرّسومات التّفصيليّة القياسيّة...
ويجب مراعاة التّسميات التّصنيفيّة لمجموعات التّفاصيل القياسيّة, والتي من المفترض تثبيتها في هامش كلّ صفحة, تسهيلا بالرّجوع إليها وقت الحاجة... ويجب إعتماد التّرقيم التّصاعدي في تعداد وتتالي الصّفحات لفنون رسم وتشكيل التّفاصيل القياسيّة الهندسية, وذلك وفق أنماط كلّ مجموعة... معماريّة مثلا, أو إنشائيّة, أو كهربائيّة, أو ميكانكيّة, أو خدماتيّة, أو عامّة... مع إعتماد غلاف ذات عنوان دقيق ومحدّد لكلّ مجموعة, وعنوان عام لكافّة المجموعات...