شوقيّة عروق منصور.. أتنفس بالكتابة وعبر الحروف / حاورتها ـ آمال عوّاد رضوان
مّن هي
شوقيّة عروق
أنا في الأصل من قرية مهجرة تدعى المجيدل، نزحت عائلة والدي إلى مدينة الناصرة عام 1948، قتل عمي الكبير عندما رجع إلى البيت في المجيدل، ليأتي ببعض حبات البندورة التي زرعتها جدتي أثناء الحرب، فقد كان الجوع مستشريًا، والعائلة كثيرة الأولاد تعيش داخل غرفة مستأجرة، والفقر يقف أمامها إلى جانب الخوف الذي يمرّ كلما مرّ شرطيّ أو جنديّ أو رجل غريب.
مقتل عمّي شكّل أزمة نفسيّة للجميع، خاصّة لجدي الذي كان قد أصيب برصاصة في فخذه وعاش مشلولاً، وجدتي التي صهرتها الأمومة في نار الحزن الدائم، كانت ابتسامتها نادرة، دائمًا في حالة غضب ووجع وقسوة.
أبي تولى رعاية الأسرة الكبيرة، مما دفعه للعمل في المدن اليهودية، وكان بحاجة الى تصريح عمل، لكن لم يحصل عليه، لذلك كان يعمل حاملاً الخوف من السجن فوق ظهره، ويعيش بين الاختباء والاختباء، لدرجة النوم ليلة كاملة في مقبرة يهودية، وقد تحولت حكاياته ومعاناته في سبيل لقمة العيش إلى الأرضية الأولى لرفض الظلم، والبحث عن الحق والعدل في عالم سرق منه شبابه وعمره.
ولدت في مدينة الناصرة عام في 25/7/1957، متزوجة في مدينة الطيرة في المثلث، أكتب في الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية، وعندي ثلاث بنات؛ كيان، سجى وسوار، وما زلت أكتب، فالكتابة قدري وأنا أتنفس بالكتابة وعبر الحروف، فمن خلالها أشعر أنني موجودة، فالكلمة ليست فقط الدرع والسلاح، إنما الكتابة أمانة وصرخة في وجه الذين يريدون سحب الكرامة والكبرياء والشموخ من خطواتك.
دعينا بداية ننهل من الذاكرة.. كيف بدأت عندك ملكة الكتابة؟
يمد لي الكاتب الكولمبي غابريئيل ماركيز طوق العبارة حين تغطس ذاكرتي في بحر الأيام:
“الحياة ليست ما عاشها الواحد منا بل ما يتذكرها وكيف يتذكرها ليحكيها”.
القبعة الزرقاء تطير عن رأسي، أبكي، هناك على شاطىء البحر يركض والدي وراء القبعة، ما أن يصل إليها حتى تطير وأنا أضحك، وفي النهاية التقطها، وما زالت الضحكة على شاشة الروح، على مرايا السنوات، بين الخيال والواقع كانت القبعة جزءًا من صورة سقطت، هاربة إلى الأعماق.
سألت مرة أمي عن حادثة القبعة فقالت مستغربة: معقول أنك تتذكرين… كان عمرك ثلاث سنوات…
نعم.. المشهد النائم في أعماقي يستيقظ، واليقظة تستفز الذاكرة، خاصة أن شفرة السنوات حادة، والكتابة تملك المشاهد جميعها، لأن حياتي مرهونة للحروف وتقع تحت بوح الخيالات الجامحة.
هل هذا ينطبق على بداياتك على مقاعد الدراسة؟
في الصف الخامس دخلت إلى الصف إمرأة جميلة، أخذت تشرح لنا عن مجلة (اليوم لأولادنا) طلبت منا الاشتراك في المجلة، ثم وزعت علينا المجلة مجاناً، أول مرة أرى مجلة ملونة، سحرني ورقها، أخذت أتحسس غلافها، شعرت أنني دخلت مغارة علي بابا، الأضواء تخرج من الحروف لترقص أمامي، رقصة جديدة لا أعرف متى تنتهي، وما زلت في دائرة الرقص المحاط بنار الكلمات.
لم تكن أمي تملك ثمن الاشتراك، أذكر أنني بكيت، في الصباح ذهبت إلى الجارة لتستدين ثمن الاشتراك، ناولتني إياه وهي غير مقتنعة بتبذير النقود.
أذكر أنا الوحيدة التي دفعت ثمن الاشتراك لمربية الصف، وبدأت المجلة تصل إلي كل شهر، وبدأت أقرأ قصائد وقصص وتقارير بإقلام طلاب من مدارس مختلفة، من باب التقليد كتبت قصيدة عنوانها (الصحراء)، واالمضحك أنني لم أر صحراء في حياتي، مجرد لعب خيالي في ملعب التقليد فقط.
نشرت القصيدة في المجلة، جاءت مديرة المدرسة “ست سلمى” تلك المرأة المحصنة بتقاسيم الأمومة الصامتة، وقفت إلى جانب مربية الصف وقالت صفقوا لشوقية كتبت شعرا، صفقوا.. أنا دهشت ودهشتي تحولت إلى بكاء، لا أدري لماذا بكيت، هل من شدة الخجل؟ أم من العيون التي انهالت علي؟
ماذا خلقت عندك هذه الحادثة وكيف شعرت بعدها؟
جميل أن نكون محط الأنظار، أن تكون المميز، في المدرسة أصبحت داخل قارورة الفخر، أسمع عبارات الثناء، ترشه مربية الصف على طلاب الصف كل شهر، حيث كانت المجلة تصدر آخر كل شهر، وقد كانت كتاباتي تتألق شهرياً وتتنوع بين شعر ومقالة ورأي وقصة، حيث شعرت أن هناك من يسمعني ويقرأني، لذلك داومت علي الكتابة وملاحقة الرحيق الذي ذقت حلاوته التي تسيل من ثناء المعلمين والمعلمات، أو من مديرة المدرسة التي وجدت في كتاباتي منفذاً إلى فتح أبواب المدرسة على فضاء الدعم للمواهب، حيث أصبحت تشير إلى موهبتي الأدبية.
تبقى مكتبة المدرسة محصورة في إطار فكري يتناسب مع جيل معين، والكتابة تحتاج إلى توسيع دائرة الاطلاع.. كيف لامست الكاتبة شوقية عروق هذا الجانب؟
شعرت أن اللعب مع الكلمات بحاجة إلى القراءة والإطلاع، لم تعد تكفيني مكتبة المدرسة المتواضعة، اتجهت إلى مكتبة عامة تقع في السوق القديم في مدينة الناصرة – مكتبة البشارة، وقد كانت تابعة للبعثة البابوية، هذه المكتبة شكلت الأرضية الصلبة لخطواتي، كنت أذهب يومياً، وأصبح لي ركني الخاص ومقعدي الملاصق للنافذة، كنت أقرأ وأحل الوظائف المدرسية أيضاً هناك، وصار الذين يترددون على المكتبة يطلقون اسمي على الركن، لم يكن أحد يدري أني أدرس في المكتبة، لأنه لم يكن في بيتنا الضيق مكان للقراءة، فالبيت يعج بالأولاد، والضجيج جزء من الوجود الطفولي الذي لا يكتفي بوجوده حتى يستعين بأولاد الجيران.
يبدو أنّ حالة من العشق نشأت بينك وبين المكتبة؟
نعم؛ توطدت العلاقة بيني وبين أمينة المكتبة، وكانت امرأة أجنبية تتكلم العربية بصعوبة، وقد كانت سابقاً أمينة مكتبة البعثة البابوية في بيروت، أصبحت تشاركني الاهتمام بالمطالعة، تعيرني الكتاب قبل أن تصنفه وتضعه على الرفوف، تدخلني إلى مخزن الكتب لكي أختار ما أريد، كنت قارئة مدللة، سنوات طويلة استمرت العلاقة، وكانت تتغير أمينة المكتبة وتنتقل من مكان إلى مكان آخر، حسب قرار المسؤولين عن هذه البعثات، وقبل سفر أمينة المكتبة القديمة كانت توصي الأمينة الجديدة بي.
كبرتُ وكبرت معي المكتبة التي كانت تفتح جدرانها، ولدت مكتبة صغيرة لكن بفضل الغرف التي كانت ملتصقة بها كانت تولد مكتبة تشمخ بين حين وآخر، حيث تغلق لمدة أسبوع ولكن ما أن نعود حتى أن نكتشف أنهم احتلوا غرفة جديدة، عندما أسأل أمينة المكتبة، من أين تأتون بالغرف، تقول: هذه غرف تابعة للكنيسة، حيث يستغنون عنها مقابل توسيع المكتبة.
مرت المرحلة الثانوية وأنا أسيرة المكتبة والكتب، وقد اتسعت دائرة القراءة، أسماء العشرات من الكتاب والأدباء تغلغلت في قلمي الذي كان يملك ورقة نشاف تمتص تجارب ورؤية وخبرة وعبارات وقصص وقصائد شكلوا جميعا وجداني وأدبي، عدا عن صداقاتي لبعض الفتيات اللواتي كنت لا أطيقه، أتحملهن لأن في بيوتهن مكتبات، إحدى الصديقات كان والدها قاض، يملك مكتبة ضخمة قرأت منها الكثير، أيضاً إحدى الصديقات كان والدها امام مسجد يملك الكتب الدينية، وأيضاً الدواوين الشعرية القديمة تعرفت من خلال الكتب على السيرة النبوية وشعراء المعلقات والأدب الأندلسي وروايات جورجي زيدان وكتب طه حسين والعقاد.
هل سعيت لإنشاء مكتبة خاصة بك؟
من المواقف التي تركت بصماتها، حين قررت بناء مكتبة لي، خاصة بالكتب التي سأشتريها من مصروفي البسيط المتواضع، كنت أقتطع من مصروف المدرسة، أوفر القرش فوق القرش حتى يصبح معي ليرة أو أكثر، ثم أشتري الكتاب الذي أريده، وغالباً ما كانت الكتب تعرض أمام مكتبة “الشعب”، حيث كانت هذه المكتبة في طريقنا إلى المدرسة الثانوية، وإذا كان الكتاب سعره غالياً، كنت أمر يومياً وأقرأ على الواقف عدة صفحات وأضع علامة على الصفحة، إما بثني الصفحة أو أكتب على دفتر من دفاتري رقم الصفحة، وقد كان صاحب المكتبة يضع مجموعة من الكتب فوق بعضهم البعض، قد يباع عدة كتب لكن لابد أن يبقى كتاب أو أكثر.
كان أبي يعطيني النقود لأشتري بنطلون أو حذاء، أمر من أمام المكتبة فأشتري عدة كتب، فكان العقاب أن أبقى بالحذاء الممزق أو بالبنطلون الممزق.
بيتنا كان ضيقاً جداً، كنا أنا وأخوتي ننام في غرفة واحدة، وكانت المشكلة في الليل عندما نطفىء الأضواءء للنوم وأنا أريد القراءة، وقد وجدت الحل بشراء “بطارية اليد”، طريقة للتغلب على العتمة، والقراءة دون إزعاج.
هل يمكن أن يصلَ الحال بالكاتب أو الشاعر إلى الحصول على كتاب بطريقة ممنوعة.. أن يسرقه مثلا؟
أذكر في آخر أيام المدرسة الثانوية مررت من أمام مكتبة “الشعب”، وجدت صورة نزار قباني أمامي على أحد الأغلفة، (قصتي مع الشعر) وكان ثمن الكتاب غالياً، حين قرأت السعر صدمت، ماذا أفعل..؟ من أين لي بهذا الثمن؟ وفي ذات الوقت لن أترك الكتاب يضيع مني، سألت صديقتي، قالت أنا أسرقه لك.. وفعلاً أنا قمت بتغطيتها وهي سرقته… بعد سنة وكنت قد بدأت أعمل، وبعد قبض أول راتب، توجهت إلى صاحب مكتبة “الشعب”، وحكيت له قصة سرقة الكتاب وناولته ثمنه، لكن رفض، ومع إصراري أخذ النقود، لكن ناولني هدية كتاب “الشيخ والبحر” للكاتب أرنست همنغواي، ومازلت أحتفظ بالكتاب.
مشوارك مع الصحافة طويل وتملكين تجربة كبيرة.. كيف تنقلت شوقية الكاتبة والقصصية والصحفية في هذا الحقل الذي يوصف بحقل الشوك؟
الصحافة أعطتني الكثير، معرفة الناس، سماع مشاكلهم، ناقشت مئات القضايا من كافة الاتجاهات، علمتني أن الكاتب يجب أن يعيش مع الناس، يسمع نبض أفكارهم وأحلامهم ومشاكلهم، كتبت العديد من القصص بفضل هؤلاء، هم كانوا الوحي لي. عدا عن ذلك قمت بنشر عشرات المقابلات مع فنانين وكتاب و كاتبات في العالم العربي، خلال زياراتي العديدة إلى مصر التقيت بالعشرات وكانت مقابلاتهم تثير الاهتمام، التقيت مع الكاتب نجيب محفوظ بعد نيله جائزة نوبل بيوم، التقيت به في توهج تلك اللحظة “النوبلبية”، التقيت مع الفنانة “نادية لطفي” عند عودتها من مدينة بيروت بعد حصار عام 1982، فقد كانت هي ومجموعة من الفنانين داخل الحصار، حكت لي عن حصار بيروت قبل أن تخرج الأدبيات عنه، شاهدت أكثر من ألف صورة قامت بتصويرها، جلسنا على الأرض وأخذت تشرح عن كل صورة عدا عن أفلام الفيديو التي صورتها، وقد كان لديها عدة مشاريع أهمها توثيق تلك اللحظات، ولا أعرف بعد ذلك أين ذهبت المشاريع.
مع الشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم والرسام الذي رافقهم محمد علي، ثالوث خرج من رحم المعاناة والالتزام الوطني، لكن تشتت بعد ذلك، التقيت مع الشيخ إمام بعد ذلك عدة مرات لوحده، فباح لي بأسرار عن صديقه أحمد فؤاد نجم، لكن طلب مني عدم نشرها.
تجربة إعلاميّة هائلة مَنْ مِنْ الأسماء المعروفة عربيًّا التقتها شوقيّة عروق؟
التقيت مع الكاتب يوسف القعيد ومع الكاتب فوميل لبيب ومع الكاتبة نوال السعداوي وسكينة فؤاد وإقبال بركة وزينب صادق، والفنان وديع الصافي وعزة بدر ومحمد منير ونور الشريف وأحمد مظهر وغسان مطر ويوسف شاهين والفنان الأردني نبيل المشيني “أبو عواد”، وغيرهم من الشخصيات التي تظهر لأول مرة في الصحافة المحلية، وكانت المقابلات تؤخذ عن صحيفة “الصنارة” وتنشر في صحف عربية في العالم العربي.
ما تقييمك للصحافة في الأراضي الفلسطينية؟
الصحافة عندنا في البلاد ظلمت الكاتب، ورؤساء تحرير الصحف لا يتفهمون الكاتب وإبدعاته، كون هذ الصحف تجارية تعتمد على الإعلان التجاري أولاً، ومصلحة صاحب الصحيفة ثانياً، وقد تقلصت المساحات المخصصة للأدب والشعر والقصة في الصحف لدرجة المهانة والذل، عندنا فقط صحيفة “الاتحاد” الحيفاوية التي ما زالت تخصص مساحات للإبداع ، خاصة عدد يوم الجمعة.
هل خلف عملك بالإعلام وجعا يمكن الإشارة إليه؟
أعترف أنني كتبت في جميع الصحف الصادرة في البلاد، وسأكتب يوماً عن تجربتي الصحفية من خلال العلاقة بين رؤساء التحرير (التجار) والكاتب، هناك أصابع خفية من التعالي تحركها المصالح فقط.
وماذا على صعيد الأدب والأدباء؟
لا أحد يهتم بالأدب والأدباء، والكاتب عليه أن يحارب لوحده، أن يشق طريقه لوحده، حتى الذين سافروا الى الخارج وإلى دول نفطية، لم يحاولوا إقامة جسم أو هيئة أو مركز أو مجلة خاصة بالأدباء هنا، وكانوا يرجعون إلينا بصور ضاحكة فقط وابتسامات مضيئة مثبتة على علاقات متينة، لكن ماذا فعلوا لمصلحة الأدباء، لا شيء! كنت أتمنى أن يهتم الشاعر الراحل محمود درويش بنا، أن يبذل الجهد لكي يقيم اطارًا أدبيًّا، لكونه قريبًا من النخب السياسية والجمعيات والمؤسسات الأدبية العالمية.
وما رأيك بانتشار ظاهرة التكوينات والتجمعات والاتحادات الأدبية؟
نحن بحاجة الى اتحاد كتاب، رابطة كتاب، كل الذي يجري من محاولات تنتهي بالفشل والزعامات الجوفاء، حتى تحولت هذه الأطر إلى تجارة إعلامية تستغل الموقع للتسويق الإعلامي لها فقط .
أكثر من ثلاثين عامًا في هذا المجال، كتبت المئات من المقالات السياسية والاجتماعية والفنية والقصائد والقصص دون أيّ إطار، وسأمضي في طريقي ما دمت أملك النفس، وأشكر ثورة الإنترنيت التي حضنت المواقع الأدبية، فالكاتب اليوم يوزع إنتاجه الأدبي على جميع المواقع المنتشرة في العالم، ولم يعد الكاتب مغلقًا ومرهونًا لتلك الفئة أو لهذا الحزب، إذ للأسف تمّ تهميش الكثير من الأدباء نتيجة التصنيفات الحزبية والفئوية الفارغة، وكان على الأديب والكاتب والشاعر الدخول أحيانًا في نفق النفاق الحزبي أو الطائفي حتى يحصل على فتات النشر!
هل حّد الزواج من إبداعك؟ وإلى أي مدى يضعف الزواج من إبداع الكاتبة؟
الزواج لم يحدّ من إبداعي، وأعترف أن عالمي كان فوضويًّا نوعًا ما، لكن زواجي رتب حياتي، أعطاني مساحة من الهدوء والاستقرار والتقاط الأنفاس، وزواجي من الكاتب تميم منصور أدخلني في منطقة الأمان، إذ يعرف تفاصيل معاناة الكتابة وتفاصيل شهوة المعرفة، ومنحني أيضًا الثقة في تكملة المشوار دون إحباطات ومواجهات سخيفة مع الممنوع، وزوجي أفسح لي المجال للكتابة، عبر نزع العراقيل في تربية الأولاد، وساعدني في تخطي الأزمات، والوقوف بقوة في وجه أي طارىء يسرق مني الوقت ويبدد موهبة الكتابة.
ما هو الفرق بين الأمس واليوم في مسيرة شوقية عروق؟
هناك فرق بين الأمس واليوم، الأمس كانت الكتابة فيها دفء الحبر، الكتابة ونقل المسودة وتمزيق الأوراق، والعمل على أن تكون الكلمات منتظمة مفهومة، والحروف مكتوبة بخط جميل، لكن اليوم عبر الحاسوب اختفت حاسة الكتابة، يكفي أن تلمس الحروف البلاستيكية وتنقر حتى تخرج الكلمات من جحورها ومن أوكارها، لتفرز خيوطًا من ذهب الأفكار.
حديثنا عن أول مجموعة قصصية أصدرتها؟
أول مجموعة قصصية نشرتها كانت بعنوان “امرأة بلا أيام” عام 1979، وكنت قد نشرت القصص في عدة صحف، لكن الشاعر “مشيل حداد” طلب مني جمعها في كتاب، وقد صدر عن “مطبعة الحكيم” في مدينة الناصرة، والمجموعة تميزت بأسلوبها الجريء وطرح حكايات غريبة عن النساء، أصابتني الدهشة عندما وجدت الصدى الواسع لهذه المجموعة، لم أكن قبلها أنظر الى الموضوع النسائي نظرة خاصة ومميزة، كانت الكلمة عندي لا تملك جنساً معيناً، كنت أكتب كل ما يدور في أعماقي، فكانت صرختي ووجودي واحتجاجي، لكن لم تكن الأنثى تسكن هواجسي، البعض وضعني على سلم الأدب النسائي، والبعض الآخر وضعني على رف تجربة أولى سرعان ما تختفي، لكن قراري كان الإستمرار في الدرب.
أصدرت المجموعة الثانية “خطوات فوق الأرض العارية” عام 1980، وقد ترجمت بعض القصص إلى اللغة العبرية والانكليزية، وتوالت الإصدارات، “النبض في جوف محارة” 1982، وهو عبارة عن همسات، وقد أذيعت من راديو مونت كارلو في برنامج كان يقدمه الفنان الراحل حكمت وهبي.
عام 1984 أصدرت ديوان شعر بعنوان “ذاكرة المطر” وهو قصائد وطنية.
عام 1993 أصدرت ديوان “شمس حضورك أسطورة”.
عام 1995 أصدرت “قل كلمتك وامشِ” وهو مجموعة مقالات سياسية واجتماعية.
عام 1996 أصدرت ديوان “اسمك تهليلة زمرّد” مجموعة قصائد.
عام 2002 أصدرت مجموعة قصصية “أحلام مبعثرة” قصص نساء وقعن على رصيف الحياة.
تاريخ النشر : -0001-11-30