وقفة تأمل / د. سالم المشني
ليتني ما أفقت ....ليتني ما نمت من الأصل ورأيت كل هذه الأشياء حلما ....كيف أعزيك يا نفسي....ماذا أصنع لك حتى تسترجعي روحك التي سرحت منك وأنت ما زلت في ربيعك لا تعرفين سوى الهدوء ،هل سأعود كما عدت من حُلمي هنا الى شقاء الدنيا التي فيها يتاَمرون ....؟لقد أكل الناس جميع الزهور ولم يتركوا سوى الأشواك ولو أنهم أدكوالبذور لأجهزو عليها أيضا ...كم كنت أحمقا عندما نمت حتى حلمت مثل هذا الحلم العظيم ....ظننت أنني في أرض يسكنها كل ذوي الفضائل ....لم أكن أعلم أنني في وهم ،مع أنني تعلمت من حلمي هذا أعظم الأشياء وأسماها ....سأُنفذ كل ما طلبهُ مني دليلي الشيخ في حلمي هذا ولن أكون من القاصرين ........أي اخوتي ....ما لنا والكره ....فالكره شيء خبيث يملأ النفوس صديداً .....أي اخوتي ....ما لنا والحقد.....فالحقد شيء مروع لا يجني صاحبه الا ما جنت يداه ....أي اخوتي ....ما لنا والجشع....فالجع من الرياء ،وهل للرياء طهارة....أي اخوتي....ما لنا والنفاق....فالنفاق ذل عمره قصير عجيب أمره.ما لنا والظلم أيها الناس ...فالظلم شيء عظيم لو تعلنون ....والحسد يا اخوتي ما لنا وله...فهو لا يبدأ الا بصاحبه فينال حتفه....والكبرياء أيها الناس صفة لا توجد الا في الخالق نفسه ،فهل لنا أن نتصف به سبحانه ....؟ما نحن الا دون ذلك بكثير ....لا تقتلوا أنفسكم بأيديكم أيها الناس....لا تكونوا من الظامئين بينما الماء بين أيديكم ....لا تسيروا وراء السراب فهو سراب وأنتم تعلمون أنه لا وجود له وكم أُهلك من كانوا يسيرون في مثل هذه الدروب ....وا حسرتاه على من نسوا انفسهم وكانوا من الجاهلين عبثت الأرض بهم ودمرتهم الأيام فأصبحوا لغيرهم مثلاٌ على مر الأيام ،وا حسرتاه على يدٍ قطعت أختها وبقيت دون معين ...ندمت على ما فعلت ولكن هيهات ما يفيد الندم....أذرفتم الدموع حتى جفت العيون على تلك اليد المقطوعة ومع ذلك لن تُنبت اليد من جديد ،وهل تُنبت الشجرة ان أنتَ استأصلتها من الجذور....؟لقد كان الظلم بشعاً حينما تفشًى في نفوس البشر.أصبحوا يعانون من مرض التسلط وصار الكل يجري وراء مكاسبه دون أن ينظر خلفه حتى لا يعرف ما خلٌفت يداه في أيامه السابقة .قليل هم الذين يعلمون ما يصنعون ،حتى لو علموا فاِن ذلك يؤدي بهم الى المزيد من الصراع على تلك الأهداف المريبة التي سوف تخلف الكثير من الماَسي في حياة الضعفاء ....ان هؤلاء هم الضحايا الذين ستثور عقولهم على نفوسهم في أحد الأيام ،ولن يستطيع أحد بعد ذلك اليوم العظيم أن يقيم السدود في وجوههم....ما الفرق بين العبد وسيده ؟ان كان السيد يأمر عبده أن ينفذ ما يريد ويطيع العبد الأمر دون أي تردد ،أو استفسار ،ولو كان هذا الاستفسار بين العقل والنفس ،ان العبد هذا الةًيديرها السيد كما يشاء وبأي اتجاه يريد....ان سألت العبد عن السبب فلا تجد عنده الجواب ،لأنه هو الاخر لا يعرف لماذا هو عبد....هنا أقول ان الارادة تلعب دورا عظيما هنا ...فلو كان هذا العبد أو ذلك يملك مثل هذه الارادة لاختلف الأمر على السيد وأصبح كلن منهما سيد لنفسه لو كان هذا العبد يملك الارادة لفتح الطريق أمام أجيال كثيرة من نسله للتحرير ....أين العقول؟هل ماتت وماتت معها النفوس ؟هل كانت الضماءر في غفلة وغفوةٍ متحدتين ؟هل يصح القول يجب ان نعاقب الجاهل لأنه جاهل ؟...بل يجب أن نقول علينا أن نعاقب من تسبب في الجهل ...ان الذي أوجد الجهل هو الذي غض الطرف عن الحقائق وأصبح بعد ذلك في عداد الحاقدين ...صحيح أن العبد يخون سيده في بعض الأوقات ،وهذا يؤكد على انه ينتمي لو انه السيد ولكنه سرعان ما يعلن ولاءه بالطاعة العمياء ،وهنا نقول ..الحمق يقاصص صاحبه مع الأيام ...لو أن السيد اكتشف يوما خيانة عبده لساقه الى أحد الأسواق وباعه بأبخس الأثمان متناسياًخدماته له طول السنون الماضية ...اذن فاِن كل هذه الفِئات المستعبدة حقيرة ،لا تستحق من يقف بجانبها ،انهم يستحقون الضرب بالسوط حتى تفبق عقولهم ،ويعرفون انهم كغيرهم من البشر يستحقون جلدا ،حتى يدركواالدنيا وما يجري بها من اول العصور حتى يومنا هذا .الجبن اَفة عدم الثقة بالنفس .الجبان لا يعرف سوى ....نعم.....صحيح......الجبان انسان اتٌكالي ،لا فرق بينه وبين من غلبت عليه العواطف الهوجاء ...الجبان عالة على غيره من الأمم ،فهو لا يعرف قدر نفسه ويصدق كل ما يسمع لا يستطيع أن يجادل الناس ،حتى ولو عرف حقيقتهم .هو مريض ويجب أن يعالج واذا تعسر علاجه وجب استئصاله من الأرض أو ابعاده عنها الى عالم الجبناء .هذا هو القصاص العادل لمثل هذه الفئة من الناس......يجب أن يخلو العالم من الشوائب التي تعكر صفوة الحياة ،حتى
لا تكون هناك مجاملات على حساب الاخرين ...حتى لا تكون هناك عوائق تعيق العابرين الى الضفة الأخرى من الجهة الغربية ملأتها المظالم .....كم انا حزين على هؤلاء الناس ،كونهم ظنوا أن الحياة أصبحت ملكهم .وبأنهم أصبحوا أسياد العالم .....لقد سرق هؤلاء الناس كل ما جنت الأيدي العادلة ،ووهبت لنفسها الفضيلة المصطنعة .........انني أرى هؤلاء الناس لا يُقوم اعوجاجهم سوى مواجهتهم بالارادة الحرة....الحرة التي تسري في العروق ،تخيم على العقول ومن ثم القلوب .تدمر كل شيء باطل .تسير نحو الأفضل الذي هو خير الأشياء ،وما خير الأشياء الا أفضلها ،لقد اتخذت لنفسي هدفاُ لأعيش من أجله ،وكيف لي أن أكون بلا هدف ولو أُقيمت في وجهي السدود ،وأصبحت منعزلاًوحيد ...سيصل صدى صوتي علياً مدوياً الى كل من كانت له أذن صاغية وقلب يدق طبول المستقبل.....سوف لا يعيقني شيء عن الوصول حتى ولو أشرفت على اَخر أيام حياتي ....سأصدك أيتها الرياح الشديدة ،سأدمر السدود بأظافر الأمل حتى تكون هناك شرفة بيني وبينكم أيها الناس .كيف لا وأنا أحمل بيدي كل هذا العشب الأخضر لأرشه على رؤوسكم وأجعلكم تشمون رائحته لتتسع صدوركم وتصبحون من الذين مُلأت نفوسهم شوقاً للمعرفة ....سوف لا أكون الا كما أُوصيت في منامي ،سأبذل كل جهد ادخرته لاعطائكم كل ما تملك نفسي من فضيلة ..سأُحدثكم عن خير الأيام القادمة حتى لا تصبح مثل الأيام التي خلت في غفلة من عيون الناس..........