صراع مع الذات / الكاتب سالم المشني
لقد وصل فكري إلى ما بعد الأفق،
فعلمت أنني لن أجد خُبزي إلا هناك . أعجب أنني كيف كنت
أعيش مع الأشباح وكيف خُيل إليَّ أنهم كمثلي من البشر يجولون الأسواق وتسرع خُطاهم
في الممرات ...! منذ اللحظة التي
ذهب فكري بها بعيداً علمت آن ذاك أن موضعي ليس هنا ولا عيش بين عالم يموج
في الضوضاء فما عيشي إلا برسم رسمه فكري الذي أرشدني على
أن أكون في عالم ما وراء تلك
الأمم الصماء فهاك أجد نفسي
وابدأ الحياة من جديد...؟
أنظروا لهؤلاء كيف يتصارعون
على فتات العيش وما هم بِآخذي شيئا سوى الخضوع لمن تصدَّق
عليهم بالشيء الزهيد كي يبقو
على قيد الحياة ويا لها من حياة
جفت من تحت أقدامهم فأصبحت قاحلة لا زرع فيها ولا ماء.....! لقد أصبحت الأسياد فيها
منبع الطغيان والفساد والتمسك
بكبرياء العظمة وصار الكل منهم
لا منتمي إلا لأرسطقرياته الهشة..
هذا ما رآه فكري في خِلوة صافية كنت فيها في حالة تأمل
عميقة .... لكنني سواء كنت قاسيا مع ما أوحى به إليَّ أو كنت متعاطفا لسماحتي فبكلا الحالتين
سأبقى أدور في فلك لا ينتهي بيَ الدوران . إن من طبيعتي أن أدافع عن الشيء
الذي أراه يقودني إلى عالم الحقيقة حتى أُقرر هل أنا مكتمل
العقل وأفكر كما يجب أم أنني أصبحت في عالم الخيال الذي
لا تنتهي فيه تأملاتي دون أن أرى
ما حققه عقلي من رسومات بهيجة أسير نحوها دون أية صعوبات تعطرض طريقي.....
إن من طبيعتي أن أسعى دوما
لحريتي حتى ولو كان هذا السعي شاقاً فبإرادتي سؤزيل
كل ما يعترضني من أشواك وضعها البعض في طريقي
كي لا أُحقق ذاتي وأكون من الفائزين....! فاللامعقول سيصبح
معقولا مهما تقالبت الأيام ولو نعتموني بالغباء فأنا سعيد بما
أسعى إليه حتى الوصول لغايتي
وسأترك بعد مغادرتي جمعكم هذا
ألواح وصيتي التي كتبت عليها
طلسم الحياة الكريمة عندها لن
أكون لا منتمي بل أنا منتمي ما
دام عقلي متحد مع جسدي إذن أنا على قيد الحياة.....!