الرَّيحانةُ النّضِرةُ ..... في السِّيرةِ العَطِرةِ
==========================
احـتـفاءُ الـطـبيعةِ بـالمَوْلدِ الـشريفِ (1)
ســــــادَ الأَنـــــامَ سَــكـيـنـةٌ ورَخَـــــاءُ ... وأَنــــــارَ لـــيْـــلَ الــحــائـريـنَ ضِـــيـــاءُ
فـــالأرضُ قـــد أمِــنَـتْ وفُـــرِّجَ رَوعُــهـا ... وتَــهــلّــلـتْ بــالـمُـسْـتَـجِـدِّ سَـــمـــاءُ
والـشـمسُ فــي الأفــلاكِ صُـيِّـرَ حَـرُّها ... بَـــــــرْدًا وظِــــلًّا،مـــا بـــهـــا إيــــــذاءُ
والــوحـشُ سَـبَّـحَ فــي الـفَـيافي ربَّــهُ ... وانْـــســابَ بَــيــنَ الــكـاسـراتِ إخــــاءُ
تـــلــكَ الــبـشـائـرُ أنَّ أَمْـــــرًا مُــقْــبِـلًا ... سَــيَــعُــمُّ مِـــنْــه الـعـالـمـيـنَ رِفـــــاءُ
مِـــن قَـبْـلِـهِ كُــلُّ الـخـلائقِ قــدْ عَـنَـتْ ... لِـــلّـــهِ إلّا الإنــــــسَ فـــيـــهِ جَـــفـــاءُ
ذاكَ ابـــــنُ آدَمَ شَــــذَّ عــــنْ أقْــرانِــهِ ... كِــبْــرًا،تُــوَجِّــهُ سَــــيْـــرَهُ الأهْـــــــواءُ
ولِــــذاكَ أظــهــرَتِ الـطـبـيـعةُ بَــهـجـةً ... مــنـهـا بِــمَــنْ هُــــوَ لِــلـصـلاحِ نِــــداءُ
سَـيُـعـيـدُ لــلـكَـوْنِ الـفَـسـيحِ تَـنـاغُـمًا .. يَـــشــدو بــــهِ الإنــســانُ و الأشْــيــاءُ
إرهـــاصــاتٌ بــالـمَـولـدِ الــشـريـفِ (2)
يـــا يَـــوْمَ قَـــدْ وُلِـــدَ الأمــيـنُ مُـحَـمّـدٌ ... بَـــشَّـــتْ لــــــهُ وازْدانَـــــتِ الــغَــبـراءُ
وتـــضـــوّعــتْ بــــروائـــحٍ قُـــدْســيّــةٍ ... وتــطـيَّـبـتْ مـــــن مِــسـكِـهِ الأجُــــواءُ
وغـــدتْ رمـــادًا نـــارُ كِــسـرى مُـعْـلِنًا: ... أنْ قــــدْ أتــــى حُــكـمَ الـطـغـاةِ فَــنـاءُ
وارْتــــــجَّ مِــــــن إيـــوانِــهِ شُــرفــاتُـه ... كــالــطّـيـرِ حـــيــنَ تَـــهُــزُّهُ الــرَّجــفـاءُ
وتــزلــزلـتْ أركـــــانُ قــيــصـرَ حــالَـمـا ... هَــتــفـتْ بِــمَـولـدِ أحــمــدَ الــبُـشَـراءُ
غـاضـتْ مـيـاهٌ فــي (الـجَـليلِ) بـمُـلكِهِ ... فـــلـــعـــلَّ ذاكَ بـــنَــقــضِــهِ إنْــــبــــاءُ
نَـــــــــســــــَــبٌ كـــــــــريــــــــمٌ(3)
وُلِــدَ الـفـتى فــي بُـقـعةٍ شَـرُفـتْ بــهِ ... وبــــــهِ تَــســامـى آلُـــــهُ الــشُّــرَفـاءُ
إذْ جـــــاءَ مَـــولــدُهُ بـــعــامٍ حـــاســمٍ ... هُـــــزِمَ الـــغــزاةُ بــــهِ وحــــلَّ رخــــاءُ
وكــــأنَّ عــــامَ الــفـيـلِ فــيــهِ قَـريـنـةٌ ... بِــمَــجـيءِ أحـــمــدَ بــالـهـدى غَــــرّاءُ
وكــأنّــمـا غَــنِــمـتْ قُــرَيْــشٌ عــامَـهـا ... حَــربَـيْـنِ سِــلْـمًـا لــــمْ يَــتــمَّ لــقـاءُ:
فَــجُــيـوشُ أَبْــرَهــةٍ تَــبَــدَّدَ شَـمـلُـهـا ... والــجــاهــلــيـةُ جــــاءَهــــا إفْــــنــــاءُ
هَــبَــطَ الــولـيـدُ بــأُسْـرَةٍ دانَـــتْ لَــهـا ... عَـــــــرَبٌ،ودانَ لــفــضـلِـهـا الـــغُــرَبــاءُ
أهْـــــلُ الـــرِّفــادةِ والـسِّـقـايـةِ إنّــهــمْ ... قَــــومٌ تَــفـانَـوْا فـــي الــعُـلا ، كُــرَمـاءُ
فـــأبــوهُ عــبــدُ اللهِ قــــد فَــــدَّوْا بــــهِ ... مِــئــةً مِــــنَ الأنــعــامِ لـــمْ يَـسْـتـأؤوا
والــجَـدُّ مَـــنْ هَــشَـمَ الـثَّـريدَ بِـعُـسْرَةٍ ... فــيــهِ لِــمَــنْ لَــبِـسَ الـفَـخـارَ كِــسـاءُ
واذْكُــــرْ قُــصَـيًّـا كــيــفَ وَحَّـــدَ قَــومَـهُ ... بــالـسِّـلـمِ إذْ هُـــــمْ قــبــلَـهُ أَعْـــــداءُ
وكـــــذاكَ ذو الــكــبـشِ (الـذَّبـيـحُ)فـإنَّهُ ... جَـــــدٌّ لأحـــمــدَ مـــــا لَـــــهُ عُـــــدَلاءُ
عِــقْـدٌ مِـــن الــغُـرِّ الـكـرامِ تَـسَـلْسَلوا ... كَــجَــواهِــرٍ مــــــا بَــيْـنَـهـا شَـــوْهــاءُ
ربّـــاهُ،هـــل ذاكَ الــتــواتُــرُ صُـــدْفـــةٌ؟ ... أمْ ذاكَ مــــنـــكَ تَــفــضُّــلٌ ورِضــــــاءُ؟
حــتّــى إذا طــلــبَ الــفَـخـارَ مُــفـاخِـرٌ ... بــــجُـــدودِهِ، فَــلأحــمــدَ الــفُــضَــلاءُ؟
أمْ كـنـتَ فــي الـلّـوحِ الـمُـسَطَّرِ كـاتبًا: ... كــــلُّ الــصـعـابِ لِــمَــنْ أُحِـــبُّ فِـــداءُ
يــــا سَــعْــدَ آمــنـةٍ! تـَحـقَّـقَ حُـلْـمُـها ... طـــفــلًا بــِفــقـدِ أبــيــهِ فــيــه عــــزاءُ
كـــانــت رأتْ حُــلُــمـا بــــأنّ جـنـيـنَـها ... مـــنـــهُ تـــعـــمُّ الــعــالَــمَ الأضــــــواءُ
هـــل كـــانَ فـــي إدراكِــهـا أنَّ الـــذي ... رُزِقـــــت بـــــهِ مــــا مــثـلُـه أكْــفــاءُ ؟
أمْ أيــقــنـتْ أنَّ الّـــــذي جــــاءتْ بــــهِ ... تـــــاجٌ لــمــنْ حَــمـلـتْ بــــهم حــــوّاءُ؟
سُــــرَّ الـجـمـيـعُ بِـطِـفْـلِ آمِــنَـةٍ ولَـــمْ ... يُــبْــدوا لَــهــا مــــا لاقَــــتِ (الــعَـذْراءُ)
وتَــخَـيَّـروا اسْــمًــا لِـلْـولـيـدِ فَـأُلْـهِـمـوا ... بِــاسْــمٍ تُــطـأطـئُ دونَــــهُ الأســمــاءُ
عَـــلَــمٍ يَــضِــجُّ الَّـسـامـعـونَ لِـلَـفْـظِـهِ ... بِــصَــلاتِــهِــمْ ، أَوَ فَــــــــوْقَ ذاكَ وَلاءُ؟
لَـو قُـمْتَ تُـحصي مَـن تَـسَمَّوْا بِـاسْمِه ..... لمَـضى الـزمـانُ ومــا انـتـهى الإِحْـصاءُ