مَجنونُ لَيْلى يُبْعَثُ حَيًّا(عَوْدةُ المَجنونِ)
هذه القصيدة تمثل حوارا تمثل فيه فلسطين(ليلى)، وعيقها(قيس) العائد إليها مشتاقا(مقاتلا كان أو مدنيا)...وقد تحتاج القصيدة إلى قراءة أكثر من مرة للوقوف على خفاياها .
فازت القصيدة عام ١٩٩٦ في مسابقات في رابطة الكتاب والأداء الأردنيين. ونادي اليرموك في عمان. وإذاعة الرياض السعودية... أذيعت ونشرت في إذاعات ومجلات وصحف عربية مختلفة: عراقية وإماراتية وسعودية وأردنية وفلسطينية.
*****
لَــيــلـى؛ أتــيـتُـكِ ظــامِـئًـا رُحْــمــاكِ ... هـَــــلّا احْــتـفـيـْتِ بــِمُـدنْـفٍ وافــــاكِ؟
قَــيــْسٌ أنـــا، هَـــلّا ذَكـــَرْتِ عُــهـودَهُ ... أمْ أنّ طـــــــولَ فـــراقِــنــا أنـــســـاكِ؟
مِـــن بـَعـدِ مــا عَـقَـدَتْ قِـرانَـكِ(عامرٌ) ... لِــبـَنـي ثَـقـيـفٍ مـــا هَــجـرْتُ بُــكـاكِ
وغـــدَوْتُ مـَسـلـوبَ الـجَـنانِ مُـشـرَّداً ... أُحــْصــي الـلّـيـالـيَ حــالِـمًــاً بِــلِـقـاكِ
إنّـــــي لأُعْـــلِــنُ أنّ ذلـــــكَ بـــاطــلٌ ... قــــدْ لــَفّـقـوهُ، ولـــمْ يــَكُـنْ بِــرضـاكِ
فَـلْـيـَسـمـعـوها صَـــرْخَـــةً أبَـــدِيَّـــةً: ... إنّــــي وحَــقِّـكِ مـــا سَــلَـوتُ هــَـواكِ
***
لــيـلـى, حَــنـانَـكِ بـالـوُقـوفِ دقـيـقـةً ... لــتــرى بِــنــا فِــعْـلَ الــنـوى عَـيْـنـاكِ
وتُــودّعــي شــبـحًـا أضــاعَ حــيـاتَـه ... يــــرجـــو لــــقـــاءَكِ ، زادُهُ ذِكــــراكِ
كم مرّةٍ خُــضـتُ الـبـحـارَ مـُجُـازفَـا... وسـقـطـتُ دونَـــكِ طُـعـْمَةَ الأسْـمـاكِ
ولَــكَـم تَــخِـذْتُ مِــن الـشِّـراعِ مَـطـيّةً ... أعـــلــو الــسَّـحـابَ مُــؤَمِّــلًا لُــقْـيـاكِ
ولــكَـم عــبـرتُ الـنّـهـرَ نـحْـوَكِ زاحِـفًـا ... مِــــن بــيـْنِ أسْـــلاكٍ إلـــى أســـلاكِ
***
فـتَـحـامـَلَتْ لــيـلـى تُـجـيـبُ فَـخـانَـها ... عَــبَــراتُ حُــــزْنٍ مِـــن فـــؤادٍ بـــاكِ :
قــيـسٌ؛ فـديـتُـكَ مِــن مُـحِـبٍّ ظـالـمٍ ... أفــأنــتَ مــمّـا أشـتـكـيِهِ الـشّـاكـي؟
واللهِ مــــا ضــيّـعـتُ عــهــدَكَ لـحـظـةً ... لــو كانَ فـي حـفـظِ الـعهودِ هَـلاكي
وكـــذاكَ مـــا أَسـكـنْـتُ غــيـرَكَ كـائـنًا ... مــنّــي الــفــؤادَ، وخــالــقِ الأفـــلاكِ
لــكـنْ أراكَ أتــيـتَ وحْــدَكَ, أيــن هــمْ ... فُــرسـانُ قــومـيَ يُـعْـجِلونَ فِـكـاكي؟
أتُــــراكَ جــئــتَ طـلـيـعةً وأعـاقَـهـمْ ... عِـظَـمُ الـحُشودِ لـخَوْضِ طـولِ عِـراكِ؟
أم أنَّ صــوتِـيَ لــم يـصـلْ أسْـمـاعَهمْ ... فَــلْـيـَعْـذِروا مَــــنْ غُــــلَّ بــالأشــراكِ
***
فـأجـابَـهـا: يـَكـفـيـكِ فــضْــحُ عُـيـوبِـنا ... هــــذا الــتّـسـاؤلُ زادَ مِــــن إِرْبــاكـي
إِنَــــي وحــيــد ٌ قـــد أتـيـتُـكِ مُـنْـجـداً ... وشَــهـدْتُ قَومَـكِ يَـسـمعونَ نِــداكِ
وتــركْــتُ ذُبــيـانًـا وعَــبـسًـا إخْــــوةً ... رَصّوا الـصُّفـوفَ فَـزَغْـردي،بُـشْـراكِ
لــكـنْ رُوَيـــدَكِ؛ مــا خـلاصُـكِ هـمَّـهمْ ... بــلْ سَـحْـقُ مَــن فــي سِــرِّهِ نـاجاكِ
حَـجَـبـوا تُــخـومَ بَــنـي ثـَقـيـفٍ كُـلَّـهـا ... دونـي وسَـدّوا الـدَّرْبَ بالأشْـواكِ
ورأيــتُ مَــن بـالأمـسِ كــانَ مُـوهِّمي ... بــالـدَّعـمِ جـــاءَ الــيـَومَ بــَيـنَ عِـــداكِ
وتــَـعـــاهــَدوا ألّا يــــَتــــِمَّ لِـــقـــاؤُنــا ... إلّا وثــالــثُــنـا الـــمَــنــونُ حِـــــــذاكِ
فــأنــا بِـقُـربِـكِ فـــي ثـقـيـفٍ شــاعـرٌ ... بــالـمَـوتِ يَــرصُـدُنـي بــكُــلِّ حِـــراكِ
وكــــذاكَ أَعــلــمُ إِنْ رجــعـْـتُ لـعـامـرٍ ... ســــأرى هُــنـالِـكَ مـــا أرى بِـحـِمـاكِ
فـلـكَـم رَمــانـي الـجـانِـبانِ بِأَسُـهُمٍ ... فَـــوَجــدْتُ قَــومــيَ أمْــهــرَ الــفُـتّـاكِ
ولِـــذا عـَـزَمـْتُ عـلـى وُقــوعِ مَـنـِيّتي ... بـــِيَــدَيْ عـــــدوٍّ بــالــعـذابِ رَمــــاكِ
فَــلَـعـلَّ سَــهـمِـيَ إنْ رَمـيـْتُْ،أصـابـَهُ ... لا أنْ يُــصيـبَ، إِذا رجـعْــتُ، أخــــاكِ
ولـعـلَّ فــي مَـوتـي إِغـاظَـةَ مُـغْـرِضٍ ... حاكَ الدَّسائسَ بَيْنَـنــا، أفّــــاكِ
كــمْ قــالَ عـنّـي: بـاعَـها ورَمـى بـِها ... أو أنـّـنـي يـــا لـَـيـلَ ، رُمْـــتُ سِـــواكِ
وهُــوَ الّــذي مــا انْـفَـكَّ فـيكِ يَـلومُني ... دَعْـهـا وخُــذْ مــا شـِئـتَ مِــن أمْـلاكِ
فـأجَـبـْتُـهُ: وفِّــــرْ عَــنــاءَكَ عــاذِلــي؛ ... قَـــيــسٌ ولــيـلـى عُــلِّـقـا بــشِـبـاكِ
مِـــن عَــهـدِ كَـنـعـانٍ غَــدَوْنـا لُـحْـمَـةً ... رَبـّــّـاهُ ، زِدْ بـحِـبـالِـها اسْـتِـمـسـاكي
***
خَــفَــقَ الــفُـؤادُ فـــَإذْ بـِـضَـوْءٍ مُـقْـبـلٍ ... أوَ ذاكَ بـَرقٌ أمْ عُـــيــونُ عِـــــداكِ؟
هــــا قَــــد رَأيــتُــُكِ بَــعـدَ دَهـرٍخِـلْـتُهُ ... مِــلـيـونَ عــــامٍ مــــا وطِــئْــتُ ثَـــراكِ
عَــيـْنـانِ خَــضــراوانِ مــِثْــلُ رُبــوعِـنـا ... ودَمُ ا لـشّـهادةِ وَجْـنَـتَـيْكِ يُـحـاكـي
والـشَّـعـرُ يـــا لـَيـلى أعــادَ لـِخـاطِري ... سُــودَ الـلّـيالــي حـيـنَ ذُقْــتُ جـَفاكِ
والـوَجْـهُ مـثـلُ الـقـدسِ أبـْيـضُ طـاهرٌ ... سُـبـْحانَ مَـن هــذا الـجـمالَ حَـبـاكِ!
أعـــطــاكِ ألـْـوانًا يـُـشَـكِّـلُ نَـظـمُـهـا ... عَــلَــمًا يُـــزيِّـــنُ بــالـفَـخـارِ رُبـــــاكِ
هَـمَسَتْ تـَقـولُ: أمـا لـِصَوتِكَ هَـدْأةٌ؟ ... أخْشـى عَـلـيكَ الـخَـصمَ،قالَ: فِـداكِ!
قـالـتْ: ومــا يُـجْـدي سـَخـاؤُكَ واحـدًا ... بِــدَمٍ أعَـَـــــزَّ مِـــــن الــبــَرِيّـَةِ، زاكِ
فــأجـابَ: لـلـرّحْـمنِ أبــْسُـطُ حُـجَّـتي ... أنّــــي بــَذَلْـتُ الـجَـهـدَ فـــي بَــلْـواكِ
أأظــــلُّ أعْــبـث ُ بـالـقَـريضِ مـُجـاهـدًا ... والــخـَـصـمُ يُــبـْهِـجُ نــُفـسَـهُ بِــــأَذاكِ
لـيـلى، الـشّـهادةُ قــد دَعَــتْ أحْـبابَها ... مـــا كـــانَ أحْـــرى أن يُــجـابَ نِـــداك
إنــّـي لأَعْــشَـقُ فــي رُبـوعِـكِ مِـيـتَةً ... لا أنْ أُخَــلَّــدَ تَــحــتَ غَــيــرِ سَــمــاكِ
***
ومَشى كَما الصَّفْصافِ يَسْمُقُ شامِخًا ... بِـمَـهـابـةٍ تَــسْـمـو عــلــى الـنُّـسّـاكِ
والــحُــلْـمُ يَــغْـمـرُهُ بِــنَـيْـلِ شَــهــادةٍ ... فَــسَــعـى لَـــهــا بــالــحِـسِّ والإدْراكِ
والـــيــَومَ لا أدري أَقَــيــسٌ عــائِــدٌ ... أَمْ هَـــلْ أراحَ ضَــمــيــرَهُ بِـــهَـــلاكِ
مــــا عـــادَ مَــهْـدورَ الــدِّمـاءِ مُــطـارَدًا ... بِـكِـلابِ خَـــصـــمٍ ، أوْ أخٍ شَـــكّــاكِ
لـيـلـى؛ عـَـزاؤُكِ أنّ شـمـسَ جِـهـادِهِ ... سَــطـَعـتْ بـِلـَيْـلِ الـرّاكـِعـينَ، كَــفـاكِ
قـــولــي لأُمَّــتِــهِ : كَــرِهْــتِ حَــيـاتَـهُ ... ومَـَـمــاتَــهُ، والآنَ هــــــلْ أرْضـــاكِ؟
هـا قدْ ثَوى في الحُوتِ يَحْكي يونُسًا ... إنْ عــاشَ عــاشَ، وإنْ يَـمُـتْ فَـهَـناكِ
=====================
شِـعْر:عبد الرازق البرغوثيّ
بلدة كُوبَر –رام الله –فِلَسْطين