لا حظَّ لي
لا حظَّ لي آهٍ إليكم قصّتي
ومعي الدّليلُ فليسَ تهجرُ دمعتي
سامي طبيبي كيف تمضي يا أخي
مِنْ بعدِ ما كنتم عميدَ الدُّفعةِ
إن الصّهاينةَ اللئامَ تجمّعوا
للنّيلِ منكم في بلادِ الغربةِ
دهسوكَ عمداً والمرورُ بصَفِّهم
لِيُكَفِّروا عن هتلرٍ وا خيبتي
قد كنتَ تسعى لاتّحاد شبابنا
عندَ انطلاقِ بشائرٍ لِلثّورةِ
ورحلْتَ ما جفّتْ دموعي بعدَكم
في( الأردنيّةِ) كنتُ أبدأُ خطوتي
والحزنُ عشّشَ كيف يهدأ خاطري
والأمُّ ثكلى كيفَ تبدو بسمتي
ومضتْ بيَ السّنواتُ نلتُ شهادتي
" ممتازةً" لكنْ بقلبي غُصّتي
أينَ الذي خطّطْتُهُ كنّا معاً
لهفي رحلتَ وانتَ اكبرُ إخْوَتي
* * * *
زمنٌ يدورُ بِنا وكنتَ تُحِبُّني
تمّ الزواجُ حسبتُ هلَّتْ فرحتي
أيلولُ أسودُ قد أتانا عابساً
أوّاهِ ما أقساهُ نغّصَ عيشتي
جاءَ الجنودُ يُسائلونَ وفتّشوا
أخذوا سِلاحَكَ ما دريتُ بعِلّتي
وعرفتُ أنّكَ قد لحقْتَ بأهلِنا
ودمشقُ صارت بعدَ ذلكَ ديرتي
ومضتْ بِنا السّنواتُ خمساً لا سِوى
جاؤوا بنعْيِكَ ما أشدَّ وجيعتي
طفلانِ ما زالا بليِّنِ زُغْبِهم
والبنتُ في رَحِمي وتعصُرُ مُهْجتي
يا حسرتي راح الامانُ بفقدِكم
هذا هوَ العمرُ الذي مِن قِسْمَتي
ورجعتُ للزرقاءِ بعد جنازةٍ
عاد الشّهيدُ معي وأجّجَ حُرْقَتي
في الشامِ في لبنانَ ساروا خلفَهُ
والمدفعيّةُ أطلَقَتْ كم طلقةِ
وأنا التي يُغْشى عليَّ لِما أرى
(يَمِّ الشهيدي زغردي) يا لوعتي
* * * *
وخلالَ أسبوعٍ سعيْتُ لِعودتي
لوظيفتي في الثانويّةِ بُغْيَتي
ورعيتُ أطفالي بقلبٍ نازفٍ
وولدتُ أروى مثلَ أجملِ زهرةِ
ربّي رعانا كانَ يعبُرُ زَورقي
يمَّ الحياةِ بعوْنِهِ وبحكمتي
واشتدَّ عودُهُمُ وأورقَ غُصْنُنا
وبدا الجنى عذباً بلمحِ المُقْلَةِ
والكلُّ راحَ لشأنهِ وحياتِهِ
ورجعتُ أندبُ حظَّنا في وَحْدَتي
أمّي مضَتْ كانت لروحي بلسماً
وأبي مضى وانفضَّ جمعُ أحِبَّتي
وإذا بدا طيفٌ لأمسحَ دَمعَتي
سرعانَ ما يمضي وأذرفُ عَبْرَتي