الحديثي مدرسة الشعر / الشاعرة رغداء العلي سوريا
بينَ يديه تتحوّلُ المتناقضاتُ حالاتٍ شعوريةً ترفلُ في خيالٍ خصب… ٍ ثائرةً حيناً… متمرّدةً أحياناً أخرى،
وكأنّهُ يستمدُّ من الشّمس ضياءها ومن القمرِ نورَهُ ومن الربيعِ ازرارَ ورودِهِ، لينسجَ لنا لوناً شعرياً متفرّداً
تتباهى به قصائدهُ التي تدغدغُ المشاعرَ وتنعشُ القلوبَ وتفتحُ بابَ الخيالِ على مصراعيهِ دونَ تكلّفٍ ولاتعقيدٍ
وكأنّه يبحرُ في شرايينِ النفسِ البشريةِ دما عريقاً وصورةً أصيلةً تشدُّنا بانزياحاتها بصورٍ تعكسُ مدلولاتٍ محلّقةً عن معانيها القريبة،
فتنصاعُ لهُ كلُّ بحورِ الشّعرِ العربيّ، يراقصُ قوافيها بشفافيةٍ محترماً قوانينَ عمودِ الشعرِ، فتتدفّقُ بينَ يديهِ رقراقةً متجدّدةَ المنابعِ.
تجدُ نفسكَ مذهولاً أمامَ شواطئها، تلملمُ بريقَ اللآلئ والدّررِ النفيسةِ كانّهُ صيادٌ يتقنُ صيدَ المحارِ و يحسنُ تطويعَ اللؤلؤِ بلمساتِ قلمهِ
الحانيةِ التي تقودنا لعنصر الدّهشةِ ونحنُ نحلّلُ قصائدَهُ، وكأنّهُ حارسٌ موكّلٌ باللغةِ العربيةِ، ينافحُ عن أصالتها بنصاعةِ تعابيرِهِ وجماليةِ
صورهِ، موظّفاً علومَ البيانِ والبديعِ ليخلقَ لنا عالماً متكاملاً يحتفي بعرسِ كلِّ قصيدةٍ…
وكأنَّ الفراتُ قدْ خلعَ عليهِ عباءةَ الأصالةِ المطّرّزة بتبرِ الجمالِ المنبثقِ من بين طياتِ قصائدهِ.
الشاعر ( خلف دلف الحديثي) مدرسةٌ شعريةٌ عصريةٌ متكاملةُ الرّؤى متعدّدة المضامين.
هنيئاً للمكتبةِ العربيةِ هذا النبع ُالمتدفّق.