دمارٌ للبيعِ / د. خلف دلف الحديثي
أيّ المساءاتِ مدّتْ للنّوى دربي
فخاصمَ العشْبُ في إحساسِهِ قلبي
وجرّحَتْ في حواكيرِ الضّحى شَفة
وقرّرَتْ وحدَها في عُتمتي صَلبي
وطفلُ جرحي أقالَ النّجمُ عثرتَهُ
والصّيفُ لملمَ من أنوائِهِ سُحْبي
والماءُ أوحى إلى تشرينَ سوفَ يرى
سُورَ النهايةِ مكسوراً منَ الوثبِ
وفتّتَ الضّوءُ ثغرَ التمرِ وانكسرَتْ
ربابة الليلِ فاهتزّتْ يدُ الذّنبِ
وراحَ يمسحُ ثوبي في دِما وَجَعي
لكي يقولَ بأنّ الذّنْبَ للذئبِ
فودّعَ البابُ مزلاجَ الرّؤى وبكى
قالَ الوداعَ وحنّى خصلة الشيْبِ
يوماً سيأتي على البرديّ يقرأُ لي
ما قدْ تيسّرَ منْ قرآنِهِ الغيبي
يوماً سأتلو بلا وعْدٍ سأذكرُهُ
قصائدَ الحلمِ في جمهورِنا الشّعبي
بلى سأقرأ عندَ الشّطّ ما رسَمَتْ
حمّالة الهمّ في أيقونةِ الشّطْبِ
وألبسُ الصّبحَ موّالاً وقافيةً
ليطلعَ النّورُ منْ روحي ومِنْ جَيْبي
ويعرفَ النخلُ أحزاني ويدرسُها
ويعزفُ الجرحُ ما قدْ فاضَ منْ سَكبي
بلى سيعرفُ قلبي أنّ أخوتَهُ
تجرّدوا منْ حبالِ اللهِ في الجُبّ
وأوقدوا عندَ وادي الطورِ جمرَتَهُمْ
لتعرفَ الفلْكُ معنى الضوءِ في الشّهْبِ
وتسهرُ الشّمْسُ في كرسيّ دورتِها
لتحْجبَ النّورَ عنْ شرقي وعنْ غربي
وقدْ أرتّلُ آياتي بلا وترٍ
وقد يُقاومُ دفّ الصمْتِ للضرْبِ
وقدْ أسجّلُ في الأشعارِ تأتأتي
وقدْ أعاتبُ بعضَ الشّيء للرّبّ
وقدْ أعيرُ سكاكينَ الأسى رئتي
وقدْ أقيمُ طقوسَ الذّبحِ والنّهْبِ
وقد أحاولُ أنْ ألغي مُحاورتي
معَ الجراحِ وألغي صيحة الكرْبِ
وقد أقولُ لبعضي لسْتَ تفهمُني
وقدْ أقولُ لبئري لسْتَ للشّرْبِ
أحاولُ الآنَ إلّا أنْ أكونَ أنا
وبي أحاولُ أطفي النّارَ بالجذٖبِ
بلى سأنزعُ كفّي منْ مخابئِهِ
وبي سأزرعُ صوتَ القحطِ والجُدْبِ
فالليلُ يغمسُ في أعصابِ محبرتي
رمْحَ التشرذمِ مجروحاً من الكذْبِ
ويجرحُ الجوعُ جلدَ الحرْفِ من سَغبٍ
والرّمْلُ ينسى اغتيالَ الرّيحِ للكتْبِ
سيفُ النبوءاتِ مسلولاً يُراودُني
ليذبحَ الصبرَ قرباناً إلى الحزْبِ
ويشنقَ الطفلَ حتّى لا يُرَى رجلاً
ولا يراهُ يُمالي موْكبَ السّبّ
لكنّني رئة فيها قدِ ازدَحَمَتْ
كلّ الرّئاتِ وغصّتْ في ندى الشّرْبِ
سيحفرُ الغيمُ بئرَ الماءِ منْ عَطشٍ
ويشربونَ ويبقى نازفاً نُخبي
ويجرحونَ شُواظَ الويْلِ منْ تعبٍ
ويخرجونَ بلا ماءٍ منَ الرّعْبِ
فللرّغاليينَ يوماً قادماً أبداً
ويدركونَ بأنّ الأرْضَ للعُربِ
يوماً سأرجعُ منْ مثوايَ دونَ يدٍ
ولا أراني وصوتي ذابَ في النّحْبِ
وقدْ أعودُ وأمشي دونما جهةٍ
ويركضونَ طوالَ الوقتِ للسّلبِ
ويشترونَ دماراً فيهِ نَقبرُنا
ويذبحونَ جياعَ الشّعْبِ للشّعْبِ
حتى نعيشَ بلا عمرٍ على عَوَزٍ
ويسرقونَ جرارَ الخيرِ منْ غلبي
ويصنعونَ فوانيساً تنادِمُنا
إذا الغروبُ ارتمى في ساحةِ الشّجْبِ
إذا اليماماتُ طارَتْ صوْبَ غربتِها
ولقلقُ اليتمِ يقرا بحّة الحرْبِ
إذا صديقُ اليتامى باعَ خبزتَهُ
إلى اليتامى وباعَ الثوْبَ بالغَصْبِ
إذا علمْنا بأنّا ليسَ نَعرِفنا
ماذا سيُجدي لنا لو حزْتَ للترْبِ
إذا افترشْنا مساميرَ الطوى وغفَتْ
طفولة الحزْنِ بينَ الحَجْبِ والحُجْبِ
لنْ يُبْصروا بابَنا المغلوقَ منْ زمَنٍ
وعتبة البابِ فيها أنّة الثوْبِ
ثقوا بأنّ فمي يوماً سيعْلِنُها
أنّ النّهارَ قريبُ منْ يدِ القطْبِ
غداً سأستلّ منْ صدري خناجرَهمْ
ويفضحُ الكلبُ سرّ الكلبِ للكلبِ
يوماً ستفتتحُ الرّاياتُ ضِحْكتَها
ويرجعُ الماءُ يروي واحة العُشْبِ
وتدركُ السّحُبُ الكسلى نبوءَتها
وتطعمُ الزّعترَ البريَّ للزّغْبِ
وقدْ أكونُ الذي أقصى مسافتَهُ
وقدْ أقيتُ المدى منْ رفّةِ القلبِ
*