نِصفُ حَيٍّ ...
بقلم د. الشاعر إحسان الخوري
هوَ ينزوي علىٰ ميمنةِ الطَّريقِ ..
يتجرَّعُ الإعياءَ كي لا يصابَ به..
ممهورٌ بنشوةِ التَّشرُّدِ ..
يرتطمُ بظلِّهِ ..
ولا يملكُ تأشيرةً للهروبِ ...
قضتْ الحاجةُ أن يكونَ هناكَ ..
لا يُخفي علاقتَهُ السِّريَّةَ بالغبارِ ..
ليسَ فيهِ شيءٌ يلمعُ ..
لونُهُ يسرقُ اصفرارَ تشرينَ ..
يدُهُ تلوِّحُ لغيمةٍ بلا شمسٍ ..
رغمَ أنَّهُ باعَها قبلَ أنْ تنضجَ ..
يتهادى كخاتمتِهِ السَّاقطةِ حولَهُ ..
يخافُ نظراتِ العابرينَ اللئيمةِ ..
تُطالبُهُ أنْ يكونَ من الجيلِ النَّاصعِ ..
وأنْ يصنعَ الفرحَ ..
آهٍ لقدْ باعَهُ حارسُ الزَّمنِ ...
حدودُهُ فقيرةٌ مثلَهُ ..
هيَ من دموعِ أمِّهِ إلىٰ حلُمِ الرَّغيفِ ..
تعضُّ علىٰ نفسِها أسنانُهُ ..
يستحضرُ الأملَ منَ السَّماءِ ..
أحلامُهُ لمْ يطبخْها بعدُ ..
ولمْ يفقدْ الاحتمالَ ...
متىٰ صاحَ يقولون لهُ كفى ..
ألفُ ناهشٍ ..
جروحُهُ نيِّئةٌ ..
نزفُها ليسَ وفيراً ..
ولكنَّها قادرةٌ علىٰ الإنجابِ ..
هوَ ينتظرُ يدَ أمِّهِ الحنونةِ ..
ابتسامتُها الَّتي جفَّتْ قبلَ الزَّمنِ ..
كيفَ يعرفُها ..؟
هيَ الَّتي غابَتْ في المساءِ البعيدِ ..
عظامُهُ وقتَها لمْ تبلغْ الدِّفءَ ..
شرايينُها ربَّما نشفَتْ حدَّ الانصهارِ ..
ربَّما سلبُوا نصفَها ..
أو لازالَتْ تُقايضُ الدُّعاءَ بالخبزِ ..
وربَّما هيَ ماتَتْ طويلاً بصمتٍ ...
وإنْ قضَتْ إحدىٰ دموعِهِ الَّتي سقطَتْ ..
أنْ تنبُتَ خلسةً زهرةُ ياسمينٍ ..
سيبقىٰ عابراً للحياةِ لا يُرى ..
ويبقىٰ الشَّاهدُ علىٰ اختلالِ المعاييرِ ...