إلى الأسير الشهيد ناصر أبو حميد / د. عبد القادر مراعبة
نَشــأتَ مُبجَّـلاً ، حُـرّاً ، غَيــورا
نَصيراً ، ناصــراً حـقّاً طَــــهورا
رضِــيّاً ، راضـياً حَــــدَّ الكــمالِ
أبيّاً ، شامِـخاً ، شَـهماً ، جَسورا
صَفــيَّ الرّوح ، كـالمــاءِ الـزّلالِ
نقـيَّ القـلـبِ ، لمْ ترضَ الغُرورا
رفيعَ الشـــأن تَعشَـقكَ الأعـالي
وَريثَ المجْدِ ، عانَقـتَ النُّسورا
وفيّاً ، جــازمـــاً فـي كــلِّ حالِ
نزيهاً ، حازماً ، عـبداً ، وَقــورا
حَملـتَ الفخـرَ طِفـلاً ، لا يَـبالي
بريءَ النّفــسِ ، أوّاباً ، شَـــكورا
قَضَيتَ العُسرَ في حِضنِ اللّيالي
لأجلِ الحــقِّ، طَوّعتَ العَســيرا
رأيــتَ النّـورَ مـن بيـنِ الظّـلالِ
فصارَ الظــلُّ مـن عينـيكَ نـورا
وبـاتَ اللّيـلُ مِــن بعــد الهــلالِ
يُعـلّـقُ فــوقَ هــامتِـهِ بُـــــدورا
فأنتَ الضّـوءُ في سُـبُلِ الرّجالِ
جَعلتَ الصّـعبَ ميسوراً يَسـيرا
مسَحتَ الوهمَ عن وجهِ الخيالِ
لترسُــمَ واقـعاً ، حـيّاً ، نَضـــيرا
فكنتَ الثّائرَ ، البَطَــلَ ، المثـالي
جـريئاً ، واثقـاً ، يقِـظاً، صَــبورا
حملتَ مُجـاهداً ، سَــيـفَ القـتالِ
رويتَ حصــونَهم ألمـــاً ، زَفيرا
رسمتَ الكـرَّ فــي سـاحِ النّــزالِ
جَعلتَ شــعابَهم تصـلى سَــعيرا
أَحَلْتَ قلاعَهم تبـكي ، وتشـــكو
وتدعـــو بعــدَ هيبـــــتها ثُبــورا
بَــقيــتَ تُعـــاركُ الأنــذالَ حَـــتّى
زرعــتَ حياضَــهم خــوفاً مُثـيرا
ولكــنْ شـــاءتِ الأقـــدارُ تقـضـي
لــدى السـجّانِ يــا هــذا ، أسيرا
فكـــانَ الحُـكمُ حِقْداً مِـن حـقودٍ
ورغـمَ الداءِ ، لــم تجـدِ النّصـيرا
فكـم كابَــدتَ ، مِـن ألـمِ ، وظُـلمٍ
أثَـــرتَ الصّــبرَ ، أبكيتَ السّـريرا
فَـشـــاءَ اللــهُ أنْ تَرقــى شَـهـيداً
وتلعنَ صَمتَ منْ خَذلوا الصُّقورا
وتشـهَدَ أنْ جعلتَ الموتَ مجـداً
وغيــركَ تـــائِـهٌ ، يبـني القصـورا
فَنَمْ يا صـانـــعَ الأمْــجـادِ فَخــرا
نسجتَ ، فحُكتَ من شوكٍ حَريرا
نَـعتــكَ الأرضُ يـــا رمـزَ التّـفـاني
وحــــكمُ اللهِ أن تلقـــى المَصـيرا
سَتبقى الحيَّ فوق الأرض ، فيـنا
فهلْ للأرضِ أن تنســـى النّصـيرا؟!