فجر الثلاثاء الحزين الأسير
الشهيد خضر يا سيد الشهداء
د. عبد القادر مراعبة
قَطعـَتْ خُطـاكَ الواثقاتُ مَسـيرا
ونَــذرتَ نَفْســـكَ للبَــقاءِ أســيرا
عاينْتَ أرصِـفَةُ الدّروبِ وقِسْـتَها
وعبَــرتَ منــها ضَــيِّقاً ، وعَسيرا
فَرسَمتَ في كـلِّ المسالكِ ثَـورةً
وجَعلـتَ نهــجَ الثّـائــرينَ مُثـيرا
وأبيـــتَ إلا أن تكــونَ مُجــاهِداً
ومُـــرابطاً ، ومُصــابِراً ، ونَصـيرا
تَدعُو إلى جَمعِ الصُّفوفِ ورَصِّـها
وتــردُّ مَـنْ ضَـلّ السّــبيلَ بـَصيرا
وتَصولُ في رحْبِ المَحافلِ ثائِراً
وتبثُّ في حَــقلِ الجِـهـادِ بُــذورا
عَرَفتـْكَ أرْوِقـةُ الزّحـامِ مُزَمجـراً
أسَــداً إذا مَلكَ الخطابَ ،هَصورا
تَجــتازُ أوحــالَ الظــــلامِ بهِمَّـــةٍ
وتَمُــدُّ في طيفِ الضّياءِ جُسورا
لِتعيدَ ما طَمسَ الطغاةُ مِنَ السّنا
فيعودُ مِحـــــرابُِ الوَفــاءِ مُنـيرا
أفْنيتَ مـنْ روحِ الشّـباب نَضـارةَ
ورَشـاقــةً، ووداعـــةً ، وسُــرورا
وبَنيـــتَ مــنْ ذاكَ الفَنــــاءِ إرادةً
تروي صُـــدورَ الآملــينَ حُـــبورا
يا أيّها البطــلُ الـذي قَهَــرَ العِــدا
وسَـقى قُلوبَ المُرجِفينَ سَــعيرا
فَمضــى إلـى الرّحمنِ حُـرّاً آمِــناً
شَـــهماً ، أبِــيّاً ، زاهـداً ،وشَكـورا
عَبداً ، تَقــيّاً ، والصّـوابُ سـَـبيلُهُ
وَرِعاً عَلى وقْعِ الخُطوبِ صَـبورا
تَنــــعاكَ أفْــــواهُ العــبادِ بِــعِـــزّةٍ
وتفيضُ أصْـواتُ الجُمـوعِ زَفـيرا
وتعــمُّ أصْـــقاعَ الـدّيـــارِ مَــآتــمٌ
والدّمــعُ يَـذرفُ لاهــباً ، وغَـزيـرا
فقدتـْكَ سـاحاتُ الفـداءِ وأهـلُــها
إذْ كُنـتَ فيـها شـاهِداً ، وبَشـــيرا
واليومَ قــدْ نِلـتَ الشّـهادةَ واثــقاً
فَنَــزلتَ فـــــي دار البقاءِ سَــفيرا
لتنــالَ فـي تِـلـكَ الجِنـانِ كـَـرامةً
وتَحـوزَ فَضـــلاً واســعاً ، وكبــيرا
ظِــلّاً ظَليــلاً لا سَــوادَ يشـــوبُـــهُ
وشـرابَ نهــرٍ ، ســائـغاً ، وطَـهورا
وطعامَ طُهرٍ ، في الحَـياةِ حُرِمْـتَهُ
سَــــتـراهُ فـي ذاكَ المــقامِ وفـيرا
وعَـلى الأرائـكِ كَـالمـلوكِ مُنَعَّــــماً
سَترى النّـمارقَ سُـندُسـاً ، وحَريـرا
يا أيُّـــها الخَضْرُ الذي حَمـلَ الفِـدا
فجَــعلتَ رائـحَــة الفـداءِ عَـــبيرا
سَـتطوفُ ذكـراكَ المجيـدةُ عـالَـماً
وسيـكتبُ التاريخُ عــنكَ سُـطورا
وسَيـحـفظُ الأعـداءُ درسـاً قاسـِياً
إذْ باتَ مَـــوتُـكَ مُنــــذراً ونَـذيـرا
فالغَــدرُ لا يحْـمي حُــدودَ مُـراوغٍ
والثّـــأرُ يعطـــي الثائـريـنَ نَـفيــرا
نَــمْ آمناً فـي الخُـلْدِ ،شَيخاً ،سَيّدا
واعلــمْ بأنَّكَ قَــدْ تَـركتَ نُســـورا
سَــيُجَـدّدونَ العَــهدَ وعْـداً صادقاً
واللهُ يُوفـي الصّـادقيـنَ حُـضـورا
ويَـــــردُّ كيــدَ الكائِـديـنَ بفَضـــلِهِ
ويُــذيـقُ أبــواقَ الفســادِ ثُبــــورا
يا سـيَّدَ الشّـهداءِ ، عِشـتَ غَيــورا
وقضيتَ لم ترضَ الهوانَ فـخـورا
سُـقيا لروحــكَ فـي جـنانٍ أُزلِفَـتْ
لتعيـــشَ فيها هــانئــاً ، وقَـريـــرا