التكنولوجيا والحرية / د.برهان الإبراهيم العبدالله
من الوقائع المسلم بها أن ازدياد سلطة الدولة والنظام حقيقة تتأكد باستمرار
في كل الأمكنة والأزمنة ولقد قدمت التكنولوجيا وسائل للسيطرة والهيمنة
في النظم التي تحكمها.فكلما تقدمت التكنولوجيا ضاق هامش الحرية الإنسانية
وازدادت وسائل الهيمنة بيد البيروقراطية ..فالعالم اليوم يعيش عصر غزو الفضاء
وحرب النجوم وسبر أغوار البحار والمحيطات والأقمار الصناعية والرجل الٱلي
وغيرها من وسائل التكنولوجيا المتقدمة التي أضحت وسائل وأدوات تستخدمها
الدول العظمى من أجل تحقيق أهدافها وتنفيذ مخططاتها في السياسة والمال
والاقتصاد والأمن بكل أشكاله ومقاصده مما قلص مساحةالحريةالفرديةوالمجتمعية
بكل المقاييس.رغم أننالانبغي القول أننا ضد التكنولوجيا كونها تحرر الإنسان
من الحاجة وتحكم سيطرته على الطبيعة وتؤدي خدمات لايمكن
تجاهلها..لكن السؤال يدور حول الكيفية التي تٰوظف بها التكنولوجيا ؟
من أجل أن لاتتحول من خادم للإنسان إلى عدو لايمكن السيطرة عليه بسبب
الإرادة أو النظام السياسي الذي يستخدم تلك التكنولوجيا لإحكام الهيمنة
أو السيطرة على البشر وتشويه وعيهم وعلاقاتهم الإنسانية والأمر هنا يختلف
من نظام إلى ٱخر بحسب الفلسفة والعقيدة التي تقوم
عليها هذه الأنظمة مما ينعكس على مفهوم الحرية سلبا أو إيجابا.
هذا ويمكن القول أن التكنولوجيا وصلت في عصرنا إلى مرحلة تهدد البشرية كلها.
فبالرغم من التقدم التكنولوجي الهائل تزداد الأزمات الاقتصادية وتتفاقم مشاكل
الجريمة والبطالة والأزمات النفسية والتلوث وخطر الحروب المدمرة مما يلغي
جزءا من هامش الحرية الإنسانية حيث تدفع البشرية الثمن المؤلم للتقدم التكنولوجي.
مما يعني لزاما على الدول العظمى عقلنة قدراتها التكنولوجية
بحيث تتماهى مع فلسفة الحرية الإنسانية التي تٰعد مدماك الحضارة والتقدم.