اللجام الأسود....! / الاديب سالم المشني
حاولت مرارا أن أقفز بل وأهرب من خيالي الذي يُلاحقني دوما لأنني أردت ضوء الشمس دون ظلٍ يلاحقني وكنت من المرتجفين الخائفين من هذا الظل الذي أقسم أن لا يُفارقني ولو للحظة واحدة .. كم تمنيت أن يأتي المساء كي يختفي لؤريح نفسي قليلا من شدة الجري هروبا من هذا الذي خيم على إرادتي فأصبحت برفقته دون إرادة ودون قول ما اريد قوله حتى في خِلوتي وأنا أسير في طريقي لأحظى بشيء من ما تجول به نفسي ..أتدرون إخوتي من كان هذا الظِّل ؟ إنه حاكمي الذي ذهب لأبرع الحدادين ليصنع لي لجاما ويمسك به على فمي كل لا تكون لي كلمة حق ولو كانت ستودي بي إلى الهلاك... إنهم ينصبون هيكلا من الخناجر المسمومة أمامي كي أقول بخنوع نعم...! لقد صوروا لي الهياكل العظمية ووضعوها في متحف العبودية .. لقد كنت أرى في عيونهم أنهم آلهة هذا الزمن يستطيعون العقاب فقط ولا يستطيعون صنع قرار العفو ..إنهم يريدون أن نعرف قُوة الجسد فقط ويتناسون الروح . لكنني أقول أنه من الحق أن أسأل عن هذا الجنس البشري الذي إستطاع أن يمتلك هذا الكم من الناس .؟ يا للغرابة أن يُهلك الإنسان نفسه وهو ما عاش إلا على أمل البقاء بحريته وبإرادته الحرة ولا يجد من يقول له حان العقاب. قلت هذا وقد أتاني من ضايق الخناق على عُنقي وقال لي لا حرية ولا إرادة ما دمت أنا صاحب التاج ولا غيري.
إنني أرسم الآن حول نفسي خُطوطاً منها الأسود ومنها لا لون له وأنتظر الشمس حتى تعود وتظهر لي ما رسمت ...!
إنني كلما حاولت أن أرتفع للأعلى هبط الجبل وأصبح غوراً فأصبحت أبحث عن النهوض من جديد !
رأيت الكثير من الخانعين ومن شدة حيرتي قويت إرادتي وتمردت على نفسي وخلقت لنفسي أرجلا من نور لتطير بي إلى الأعالي ولن أكون يوماً من الخانعين ذلك لأن إرادتي أبت أن تكون ذات لجام يصنعه حدادي السلاطين الذين لا روح لهم فقد تميزت روحهم بأحقر ما هو أحقر من كل حقارة وليشهدها التاريخ لأبد الآبدين وتتناقلها الأجيال وبعدها يتساءلون هل هناك من هو أشد حقارة مما تشهدون ..!
نعم قد أصبح أسياد الساعة هم سادة الحقارة لو تعلمون