ليلى عريقات
رثاء
توفيت جارتي أم عيسى جار الله مساء أمس وعلمت قبل قليل وهالني نعيها لأني تشاركت الحياة معها مدة ثلاثين عاماً.
يا حسرتاه ينزُّ القلبُ مِن ألمي
فالعين تهمي كأنّ الدّمعَ بعضُ دمي
يا أمَّ عيسى وهل أرثيكِ يا وجعاً
يا أختَ روحي لساني جفّ مِلءَ فمي
وكان بابُكِ يا أختي يُجاورُنا
عند الصّباحِ وكم أغشاهُ في العتِمِ
وقهوةُ الصّبحِ هل أنسى مجالسَها
تنبُّؤاتِكِ عن رسمٍ ولم تَهِمي
تلكَ السنينُ ثلاثونٌ بأكملِها
عشنا مرارَتَها أو حلوةَ النِّعَمِ
أشكو إليها عذاباتي فتفهمها
كمِثلِ آسٍ يُداوي علَّةَ السَّقِمِ
لمّا أتيتُكِ بالافراخِ أحضُنُهم
شدَدْتِ أزري بطيبِ البرِّ والرّحِمِ
مِن طيبةِ القلبِ كانت كم تُشاطِرُني
تلكَ المواجعَ كم تذكي لنا همَمي
كانت إذا غبتُ ساعاتٍ بمدرستي
عني تنوبُ كمثلِ الأمِّ إن تَحُمِ
كانت ملاكاً تُشِعُّ النورَ طلَّتُها
وجهٌ بهيٌّ كمثلِ البدرِ في الظُّلَمِ
واهاً عليَّ يكادُ البينُ يعصُرُني
لما نُعيتِ أصاب السمع بالصَّمَمِ
والعينُ طيفُكِ محتلٌّ بصيرَتَها
والعقلُ أُنْهِكَ بالفقدانِ والعدَمِ
يا بينُ ما لكَ قد عجّلْتَ رحلتَها
يا حسرتي بوداعٍ آهِ لم أقُمِ
جزاكِ ربّي جنانَ الخلدِ أجملَها
ربّي رحيمٌ ويدري فيكِ لمْ أُلَمِ
قلبي عليكِ يظلُّ العمرَ مبْتَئساً
لا يُنتسى عُمُرٌ إن راحَ لم يَدُمِ